174

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

142

أما الحجج العقلية فإنها تقوم كلها على أن الله مقدس عن الجهة ومقدس عن المكان ومتعال عن المواجهة، وهو أقرب إلى الاتساق من القول بالرؤية دون اشتراط الجسم والتقابل والشعاع والمماسة والمحاذاة على ما تقول الأشاعرة وهو أقرب إلى تحصيل الحاصل وإثبات الشيء ونفيه في نفس الوقت. ومن ثم تنتفي الرؤية في كل الأمكنة وفي كل الأوقات، في الدنيا والآخرة؛ لأن النفي حكم عام لا يمكن تخصيصه. تتطلب الرؤية المكان والحيز والجسمية، والله ليس في مكان وغير متحيز وليس جسما.

143

لا تجوز عليه الرؤية لأن الرؤية لا تكون إلا للأجسام، وهو ليس بذي جسم. ولا تجوز عليه الرؤية في جميع الأحوال سواء في هذه الدنيا أم في دنيا غيرها، سواء بالعين أم بحاسة سادسة ظاهرة أو باطنية. ولو كان مرئيا لرأينا الآن بل وفي الحال، فحجة الواقع أبلغ من أية حجة نظرية.

144

وقد صاغ المعتزلة ذلك كله في عدة أدلة لنفي الرؤية وفي مقدمتها دليلان: دليل المقابلة ودليل الموانع. فدليل المقابلة ينفي كون الرؤية قائمة على عين كعضو وموضوع مادي ومقابلة العين للموضوع. ويقوم الدليل على ثلاث مقدمات: الأولى أن الرؤية بالحواس، والثاني أن الرؤية لا تتم إلا بالمقابلة، والثالثة أن القديم ليس مقابلا. والمقابلة والانطباع يستلزمان الجسمية. ومن ثم يؤدي إثبات الرؤية بالضرورة إلى إثبات الجسمية، كما يؤدي نفيها إلى نفي الجسمية؛ لأن الرؤية للعين والمرئي هو المحسوس. فالبصر لا يرى إلا ما كان مقابلا لأن الإبصار في الشاهد حواس مقابلة وانطباع. فلو كان الله مرئيا لكان مقابلا. ويتضمن دليل المقابلة نفي الجهة والمحاذاة، وهو ما لا يمكن للذات ولا للصفات التي هي عين الذات. يمكن فقط رؤية الأفعال وهي الآيات الكونية ومظاهر الطبيعة من جانب العالم وليس من جانب الذات.

145

أما دليل الموانع فهو الرد على الحجة القائلة بأن الشيء إنما يرى لما هو عليه في ذاته، والله حاصل لما هو عليه في ذاته، فما المانع أن يرى؟ والرد على ذلك بأن ما لا يرى ينقسم إلى ما لا يرى لمنع أو لاستحالة، والقديم لا يرى لاستحالة لا لمنع لأنه ليس بمرئي في نفسه وإلا لأمكن رؤية صفاته مثل الحياة والعلم والقدرة. ومع ذلك فإن موانع الرؤية في دليل الموانع عديدة، قد تكون ستة وقد تكون ثمانية، وهي: الحجاب، الرقة، الكثافة، البعد المفرط، كون الرائي من غير جهة محاذاة الرائي وكون محله ينقصه شيء من هذه الأوصاف، سلامة الحاسة، الصغر، القرب المفرط. وكل ذلك يستحيل على الله.

146

والحقيقة أن نفي الرؤية لا يرجع لأمور ترجع إلينا مثل الحواس أو الموانع، بل إلى طبيعة الموضوع، فالذات ليس موضوعا، ولا يرى من الإنسان شعوره. فأنا لا أرى شعوري وذاتي، بل أرى جسمي، ولكن أشعر بذاتي كما أشعر بالآخر أو أشعر بالماهية ولا أراها ولكن أوجد في الموقف وأشعر بالتجربة الحاملة للماهيات.

Shafi da ba'a sani ba