Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Nau'ikan
106 (4-1) هل يمكن إثبات الرؤية الموضوعية؟
وتعني الرؤية حينئذ رؤية الله بالعين كرؤيتها للأشياء مع المقابلة وبشرط الضوء والأشعة والملامسة والجهة والملاقاة والمداخلة. فإذا كانت الرؤية من جهة الفوق فذلك لأن الفوق أشرف من التحت، والرؤية من عل تكشف أكثر من الرؤية من أسفل، أكثر شمولا واتساعا واكتمالا من الرؤية الجزئية الحسية الجانبية. الأولى رؤية العقل والثانية رؤية الحس.
107
وقد تكون هذه الرؤية وما يصاحبها من حركات الملاطفة والمعانقة والمجالسة والملامسة تعبيرا عن كبت جنسي وحرمان دنيوي أو عجز فعلي. فالصوفي محروم جنسيا، فيتخيل أنه يعانق الحور العين، ومحروم دنيويا فيتوهم أنه يأكل من ثمار الجنة، وعاجز عن محاربة الظلم فيتصور محاربة الشيطان، الشر المجسم. والمضطهد قد ضاع منه الله، واهتزت من تحت أقدامه الأرض، فيتوهم أنه ممسك به معانقا إياه، وأنه وحده المدافع عنه ضد الظلم، أو أنه يعانق الزعيم الشهيد ويتشبث به ويتمسك بمبادئه. أما جواز الرؤية دون اشتراط الجسمية فإنه تحصيل حاصل، فلا رؤية حسية عينية في الخارج لشيء موجود في الخارج إلا إذا كان جسما. ولا يكمن قياس الله على الملائكة في جواز رؤيتهم دون أن تكون أجساما، فالله ليس من جنس الملائكة، كما أن الملائكة يمكن للبعض رؤيتها كما تروي الأخبار والآثار والتجارب الروحية للأولياء والصوفية. كما يستحيل إثبات الرؤية بلا كيف لأن الرؤية لا تكون إلا كيفا، كمن يقوم بخطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف أو من يثبت قضية ثم ينفيها والموضوع واحد. لا يمكن أن تتم الرؤية بعين البصر إلا بالملاقاة وبالشعاع.
108
والحقيقة أن الأدلة النقلية لا تثبت الرؤية بقدر ما تنفيها.
109
فسؤال موسى «رب أرني» لا يدل على إمكان الرؤية؛ لأن العاقل لا يطلب المحال لأن السؤال قد يكون طلبا للمحال بغية التعليم. سؤال موسى إذن لا يعني الإمكان، بل يهدف إلى رد الإنسان إلى حدوده الطبيعية مانعا له من أي اغتراب في العالم، تاركا رؤية الأشياء إلى رؤية وهمية مشخصة للمعاني. كما أن الرؤية هنا تعني البيان والإظهار والكشف ولا تعني الرؤية بالعين. وكلمة «لن» للتأبيد وليس للتوقيت، للتأييد وليس للتأكيد. ولماذا يكون النفي للمستقبل؟ وكيف لا يدل على منع الجواز ويدل على منع وقوع الجائز، إذ إن معنى الجائز أنه لم يكن واقعا؟ وتعني الإجابة بالنفي الاستحالة لا الجواز. وهي آية مطلقة يرى الأشاعرة أنها لا تمنع من الخصوص في بعض الأوقات في حين أن الحكم العام في كل الأوقات، والاستثناء لا يكون قاعدة. ولا يقاس ذلك على أن اليهود لن يتمنوا الموت لأن الموت واقع والرؤية ليست كذلك. ولا يعني الاستقرار في المكان إثبات الرؤية نظرا لاستقرار الجبل، بل يعني العود إلى العالم ، وأن من يريد رؤية الله الثابت العظيم الشامخ الجليل فلير الجبل آية منه أو يكون استقرار الجبل محالا لأنه متحرك إما بدوران الأرض أو بدكه، وبالتالي تعليق الرؤية على شرط محال فتكون محالة. ثم إن موسى قد تاب عن سؤاله بقول: «تبت إليك.» والتوبة لا تكون إلا من الذنب وهو طلب رؤية الله. كما أن اليهود «أخذتهم الصاعقة» جزاء على طلب الرؤية، وكأن اليهود هم الذين استدرجوا موسى للطلب، وموسى رغبة في إيمانهم وجه الطلب بدوره إلى الله دون أن يمعن أو يفكر فيه، كما طلب مائدة من السماء من قبل فنزلت لهم. فالرؤية هنا ليست معجزة أو آية أو دليلا، بل استحالة وذنب وطلب من وعي مجسم مشبه وشعور مادي قاصر عن التنزيه وإدراك المعاني المستقلة. فهو سؤال القوم على لسان موسى وليس سؤال موسى. موسى مجرد مبلغ حتى لا تأتي الإجابة من السلطة مباشرة وليس من موسى حتى يخف الاعتراض وتزداد درجة القبول، وحتى يثبت لهم بالتجربة استحالة الرؤية بدخول طرف ثالث وليس مجرد بسؤال وإجابة بين طرفين. وقد تخيل القدماء احتمالات أربعة لموسى: الأول هو السؤال عنها بعد العلم بجوازها، وهذا تحصيل حاصل، فمن أين يأتيه العلم قبل السؤال؟ ولا يمكن السؤال إلا عن مجهول. والثاني هو السؤال عنها مع العلم باستحالتها وهو أيضا تحصيل حاصل، فمن أين يأتيه العلم بالاستحالة؟ وإذا كان يعلم بالجواز أو الاستحالة فلم السؤال عنه؟ والثالث هو السؤال عنها وهو شاك فيها كما شك إبراهيم، ويريد موسى إجابة كي يطمئن قلبه، وهو احتمال وارد، وكانت الإجابة بالاستحالة. والاحتمال الرابع هو السؤال عنها وهو ذاهل العقل لا يفهم شيئا، وهو متأزم من تعنت قومه، وهذا هو الاغتراب في صورة التجربة الدينية عند موسى وقومه، فكانت لإجابة تصحيح الاغتراب. لم يشأ موسى أن يرد الاغتراب بنفسه حتى يأتي التصحيح من الرب أقوى وأفعل. بالإضافة إلى أن موسى نفسه كان مغتربا صوفيا متأزما يود رؤية الله تعويضا له عن مآسي قومه وعصيانهم له.
110
كما أن قصة موسى في مراحل الوحي السابقة وفي ظرف تاريخي خاص لشعب معين، في مرحلة اليهودية والشخصية اليهودية والوعي الحسي اليهودي الذي يطلب الرؤية الحسية والإله الحسي والنعيم الحسي والبرهان الحسي. وهي تورد في مورد التهكم عليهم في إطار تطور مراحل الوحي، ولكن في نهاية الوحي وبعد اكتماله لا يعود الموضوع مطروحا. فالله لم يعد شخصه بل كلامه، وكلامه لا يرى بل يسمع ويطبق كنظام للعالم.
Shafi da ba'a sani ba