Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

Hasan Hanafi d. 1443 AH
137

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

والثاني أن الشعور ليس بحاجة إلى مشجب لتعليق الصفات عليه، ولا يستطيع أن يتجوهر في موضوع ويثبت حياته لتعليق الصفات عليه، ولا يستطيع أن يتجوهر في موضوع ويثبت حياته في نقطة ارتكاز، ويظل في حركة وحياة دائمتين، ويكون مجموعة من الصفات بلا موصوف، ويكون موضوع التنزيه مجرد صفة. ولا يحتاج الشعور هنا إلى ذات تتعلق حولها الصفات، بل توجد الصفات بلا ذات، وتكون مجموعة من الأقوال تختلف درجاتها في التشخيص. تكون الذات في هذه الحالة افتراضا وهميا خالصا ينشأ بفعل عاطفة التنزيه كما هو الحال عند الصوفية عندما يخلق تركيز القلب موضوعه أو عند الحكماء عند يخلق التأمل موضوعه. وبالتالي يكون العالم أو الذات تعبيرا عن إيمان ديني بالصفة التي تعبر بدورها عن أماني الإنسان، هذا الإيمان الذي يخلق موضوعه كما هو الحال في الدليل الأنطولوجي الذي يخلق فيه الفكر موضوعه والكمال وجوده. ولكن هذه المرة ليس دليلا عقليا أو بداهة، بل تجربة شعورية وموقف إنساني. ولما كانت الماهية لا وجود لها، فهي ليست موضوعا للإدراك بحاسة من الحواس الخمس أو بحاسة سادسة في هذا العالم أو في عالم آخر. وافتراض ماهية معلومة قول بلا برهان، وإثبات وجود بلا معرفة كما يثبت الموقف الإنساني معرفة بلا وجود. إنما إثبات الماهية هو تشخيص لعملية شعورية وخلق لموضوع ذاتي خالص وتوهم له في الخارج ثم وضع ذلك على حساب الإدراك حين يستمر التشخيص فتتحول الآخرة إلى مكان ويتم افتراض حاسة سادسة تدرك بها الماهية المتوهمة. هنا يتوقف العقل، وينتهي الواقع، ويبدأ الخيال وتدخل الأسطورة. أما افتراض ماهية لا يعلمها الناس فهو تحصيل حاصل؛ لأنه إثبات وجود بلا معرفة أو إثبات علم وجهل في آن واحد، والحقيقة أنه من صنع الوهم.

215

ومع ذلك يبقى علم الصفات، كعلم للمبادئ والأفكار أو النظريات، وهو ما يسمى في لغة العصر بالأيديولوجية. ومن ثم يكون علم التوحيد والصفات هو عملية صياغة الأيديولوجية ثم تحقيقها.

التنزيه هو أكبر رد فعل على التأليه في كل درجاته وعلى التجسيم بكل صوره. وهو رد فعل تاريخي وشعوري معا، تاريخي لأن التنزيه الذي ساد القرن الثاني عند المعتزلة الأوائل

216

تلا التأليه والتجسيم اللذين سادا القرن الأول عند الشيعة الأوائل، وشعوري لأنه تحول للشعور من الحس إلى العقل، ومن المادة إلى الصورة، ومن المتعين إلى اللامتعين، ومن المتناهي إلى اللامتناهي. وقد تظهر هذا القلب الشعوري في صياغة العبارات نفسها. فبدلا من العبارات التقريرية المثبتة التي تعزو للمعبود صورا وأشكالا ظهرت العبارات التقريرية النافية التي تنفي عن الله كل الصور والأشكال حتى أصبح التنزيه مرادفا لنفي الصفات بوجه خاص وللسلب بوجه عام.

ويكشف تاريخ الفرق تطور الوعي الخالص أو الذات كما يكشف عن بنيته. فإن وصف التطور التاريخي لها مطابق لبنيته. والمعروف أن مادة علم أصول الدين في جميع موضوعاته بلا استثناء قد تطورت تطورا جدليا من الموضوع إلى نقيضه ثم إلى مركب الموضوع ونقيضه. فقد بدأ التوحيد بالتجسيم على اختلاف درجاته من تأليه وتجسيم وتشبيه وتشيؤ، ثم ثنى بالتنزيه ونفي الصفات كنقيض للتجسيم، ثم ثلث بإثبات الصفات الذي يجمع بين التشبيه والتنزيه في آن واحد. وكأن الوعي الخالص باعتباره وعيا تاريخيا قد بدأ بالحس، ثم ثنى بالعقل، ثم ثلث بالجمع بين الحس والعقل.

217

كما تعطي بنية المادة ذاتها بصرف النظر عن تطورها التاريخي وصفا لبناء الوعي الخالص ودرجات أبعاده بين الحس والعقل ابتداء من المتعين، هذا الوعي بالذات، إلى اللامتعين، الوعي الخالص. وفي هذه الحالة يكون التشبيه بعد التجسيم لأنه قريب من الحس وإن لم كن حسا متعينا. ثم يأتي التنزيه في النهاية يمثل قطب الشعور الثاني وهو العقل. وإذا أردنا القسمة فإنه يمكن وضع التأليه والتجسيم والتشبيه معا في طرف الحس، ووضع التنزيه في طرف العقل، إذ إن التأليه والتجسيم تشبيه الذات، والتشبيه تجسيم للصفات.

218

Shafi da ba'a sani ba