Daga Akida Zuwa Juyi: Annabci - Alkiyama
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Nau'ikan
82
وعلى هذا النحو تصب مباحث علم أصول الدين في علم أصول الفقه، ويجد النظر تحقيقه في العمل، وتهبط النبوة من الإيمان بالملائكة والغيب إلى فهم الرسالة من أجل قضاء المصالح والسعي بين الناس. (ج) تحقيق الرسالة
وكما صب علم أصول الدين في علم أصول الفقه في الأدلة الأربعة وفي تحليل الخطاب، فإنه يصب هذه المرة في علم الفقه تأكيدا على الانتقال من المضمون النظري للنبوة إلى المضمون العملي. وتتحقق الرسالة في العبادات وفي المعاملات، في الشقين الرئيسيين لعلم الفقه. وتتركز العبادات في أركان الإسلام الخمسة، وليس المهم فيها هو إعادة تكرار المادة الفقهية، بل معرفة دلالتها على أصلي العدل والتوحيد. ليس المهم ممارستها كما، بل دلالته كيفا، بل إن الأهم من ذلك كله هو الانتقال من أصولها النظرية في علم التوحيد إلى دلالتها العملية في العبادات في علم الفقه، إلى الممارسة العملية في المجتمعات. فالشهادتان لم يتم التركيز عليهما بالرغم من أنهما أساس باقي العملية في المجتمعات، في عمليتي النفي والإثبات، في حركتي الرفض والقبول، والعصيان والطاعة. وقد يكون السبب هو دخولهما في باب الأسماء والأحكام؛ أي في النظر والعمل باعتبارهما صيغة القول والإقرار. فالشهادتان ليستا باللسان والقول فقط، بل بالتصديق والفعل. ليستا في الداخل فقط في الذهن والقلب، وهو أضعف الإيمان، بل في الخارج أيضا بالكلمة والفعل، باللسان واليد. والشهادة ضد الكتمان والصمت «ومن يكتم الشهادة فإنه آثم قلبه». والصلاة إحساس بالزمان وبأداء الفعل فيه، واقتراب من الأفعال الخلقية واجتماع وتعارف، وتباحث في أحوال المسلمين. النية شرطها حتى لا تكون نفاقا وكسبا للمال أو الشهرة أو الجاه أو تعمية على السرقة والنهب والاحتيال. ليست طاعة لأمير المؤمنين إماما، بل تأدية لواجب الأمة انتسابا. تتلوها الزكاة؛ أي حق الجماعة على الفرد في أمواله، وسيولة للمال في المجتمع ضد اكتناز الثروات بلا استعمال. والصوم تهذيب للنفس وشحذ للإرادة وإعلان على تجاوز الإنسان لنفسه ولعالمه، وعيش على مستوى الجماعة، وإحساس بحاجات الفقراء، وبأحوال المساكين. والحج اجتماع للمسلمين في زمان ومكان معين لبحث أمور الأمة ووحدتها، والممارسة العملية للوحدانية في العمل. وفوق ذلك كله يأتي ركن الجهاد الذي يتصل بالركن الأول؛ الشهادتين، فالطرفان يلتقيان، فالشهادة والشهيد من نفس المصدر «شهد»، فالشاهد والشهيد صنوان. ويكون الجهاد من أجل فكرة قبولا ورفضا، ويكون بالعقل والمحاجة، ويكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويكون بالنصيحة، ويكون جهادا فعليا؛ جهاد الأعداء في حالة الظلم والعدوان والاعتداء واحتلال الأراضي والإخراج من الديار ونهب الثروات واستباحة الحرمات وامتهان الكرامات. فإذا ما تم تحرير أراضي المسلمين ووحدتهم وأصبحوا في مثل قوة الأعداء وأقوى منهم، وتطاحن أعداؤهم فيما بينهم وانقسموا إلى معسكرين كبيرين وقوتين عظميين يدمر بعضهم بعضا، في هذه اللحظة التاريخية، يمكن للأمة أن تقوم بدورة جديدة في التاريخ، تدعو إلى الإسلام. ولا تعني «الجزية» أكثر من استعلاء المسلمين ووصولهم إلى درجة أخذ زمام المبادرة في التاريخ، ولا يجوز الصلح مع العدو المحتل أو الاعتراف به وإنهاء الحرب معه، وواجب الإمام سد الثغور وبناء الجيوش وإعداد الأمة لرد الظلم والعدوان. وفي هذه الحالة يكون الجهاد فرض عين لا فرض كفاية، لا يسقط عن أحد لأن الآخرين يقومون به وإلا كان من المتخلفين القاعدين. الجهاد تتويج للنبوة في الأرض وتحقيق للرسالة في التاريخ.
83
أما المعاملات فإنها تنقسم إلى الأحوال الشخصية أي أحكام الفروج، والأحوال العامة أي أحكام العاملات، والقانون الجنائي أي أحكام الحدود، والقانون المدني أي المحرمات والمباحات، ثم أحكام الأموات. وليس المهم في هذه الأحكام ذكر الأنماط المثالية لها، يقرأ الإنسان فيها أمانيه ويجد فيها تعويضا عن مآسيه. يجد فيها الحاكم فرصة للمزايدة على الإيمان، ووسيلة لتغطية نظام حكمه والتستر عليه بستار الإسلام، بل المهم هو ذكر أحوال الناس، وكيف أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو السبيل لإعطاء الناس حقوقهم قبل مطالبتهم بأداء واجباتهم. ليس المهم عرض أحكام النكاح والرجعة والطلاق والخلع والظهار والإيلاء والعدة واللعان والرضاع والمهر ونفقات الأزواج ، بل المهم معرفة أوضاع الأزواج ومشاكل طالبي الزواج من مسكن وقوت وأوضاع المطلقات أو الموقوفات، فلا هن متزوجات ولا مطلقات، وأوضاع دور الحضانة، وارتفاع المهور. وهناك فرق بين الشريعة، المبادئ العامة المنصوص عليها والتي لا تتغير، والفقه الذي هو اجتهاد الفقهاء والمشرعين في كل عصر. الأول ثابت، والثاني متغير. فإذا تغيرت الظروف اليوم فمهمة المجتهد تجديد الفقه في ضوء الشريعة، خاصة فيما يتعلق بقوانين الطلاق وتعدد الزوجات، طالما نقص التعليم وقتل الوعي الديني، كما أن الخلاف بين الفرق القديمة حول أحكام الفروج خلاف تاريخي صرف؛ فلا الفرق موجودة ولا أحكامها مطبقة. وتغيب الفرق الجديدة بالرغم من حضور المشاكل المعاصرة.
84
أما أحكام المعاملات فقد غلبت عليها أحكام التجارة أولا فالزراعة ثانيا. وبطبيعة الحال أن تقل منها أحكام الصناعة والتعدين. وقد كثرت مشاكل المال والتجارة وتعقدت النظم البنكية والنقدية، وأصبحت عملات المسلمين، أو على الأقل فريق منهم، لا قيمة لها بين عملات الفريق الآخر القوية في البنوك الأجنبية يستثمرها أعداء المسلمين. وعظمت مشاكل الزراعة، ومات فريق من الأمة جوعا وقحطا، بينما يموت الفريق الآخر بطنة وشبعا. واتسعت الأراضي القاحلة، وقلت الأراضي الزراعية، وزاد عدد الفلاحين حتى لقد احتاج الأمر إلى إعادة نظر في الملكية الزراعية. فكما أن الأرض لمن يصلحها، فالأرض لمن يفلحها، ولا نصيب للملاك الغائبين في الأرض. وإن أخذ جزء من عمل الفلاح الأجير من جراء كرائه الأرض لهو سلب لعمله من مالك لم يعمل وله مصدر رزق آخر في المدينة. وإذا كان القدماء قد عرفوا الذهب والفضة والنحاس والحديد، فقد عرفنا نحن النفط الذي تنطبق عليه نظرية الركاز؛ أي إن كل ما في باطن الأرض ملك للأمة، وليس لأمير أو قبيلة أو نظام. وقد تفاوتت الدخول بين الأغنياء والفقراء لدرجة التفاوت بين السماء والأرض؛ مما تطلب إعادة توزيع الدخول بين المسلمين.
85
أما أحكام الحدود فليس القصد منها تخويف المسلمين وإرهابهم من الشريعة الإسلامية، أو حماية الأغنياء من غضب الفقراء، أو تطبيقها عليهم وحدهم دون الشرفاء، وليس صلبها حد الزاني وشارب الخمر، بل حد السارق والقاهر والظالم؛ فقد أتت الشريعة لاسترداد حقوق الضعفاء من الأقوياء. وإن الهدف من الحد هو البحث الاجتماعي أولا قبل تطبيقه لمعرفة السبب؛ فقد يكون هناك مانع من تطبيقه.
86
Shafi da ba'a sani ba