Daga Akida Zuwa Juyi: Annabci - Alkiyama
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Nau'ikan
وسواء كان الخطاب أمرا ونهيا أم خبرا، فإنه في كلتا الحالتين يحتاج إلى فهم لمعناه، ولا يتأتى هذا الفهم إلا بمبادئ اللغة. وقد اقتصر علماء أصول الدين على بعض المبادئ المستعارة من علم أصول الفقه، مثل العام والخاص، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمبين، والظاهر والمؤول. ولم يزيدوا على ذلك مبادئ أخرى، مثل الحقيقة والمجاز، وهو من أوائلها، أو المطلق والمقيد، والمستثنى والمستثنى منه وهي من أواخرها. وبعض المبادئ تتغير أسماؤها، مثل المجمل والمبين الذي يسمى المجمل والمفسر. والبعض لا يكون ظاهرا كمبدأ، بل كحالة ثانية لمبدأ آخر، مثل المحكم والمتشابه الذي يدخل ضمن حالات المجمل والمفسر. وبعض المبادئ تظهر في أحد جوانبه فقط، مثل الظاهر والمؤول الذي لا يظهر إلا في المؤول وهو الأهم؛ لأن الظاهر لا إشكال فيه، ولأن نقد الباطنية أهم من نقد الظاهرية. وقد تظهر بعض المبادئ كحالات خاصة، مثل المجمل والمفسر والمحكم والمتشابه. وقد تظهر كمبادئ عامة، مثل العموم والخصوص والتأويل.
ومع أن العموم والخصوص صيغة لغوية إلا أنها تكشف عن البعد الشخصي للنص؛ الفردي أو الجماعي. فالنص متوجه إلى الشخص، وموجه لسلوك الفرد والجماعة. اللغة للسلوك والصيغة للفعل. فإذا كان النص صورة بلا مضمون، فإن تحديد الخاص والعام فيه تحديد لمضمونه لبيان البعد الشخصي في النص والعامل الفردي في الأمر، بصرف النظر عن التحديد الكمي للعام. وغالبا ما يكون التحديد بأقل الجمع اثنين فما أكثر. والقول بالعموم وحده وإنكار الخصوص هو تحويل للخطاب إلى مبدأ كلي صوري شامل وإنكار للبعد الفردي؛ التزام بالعزيمة دون الرخصة وبالقاعدة دون الاستثناء، كما أن إثبات الخصوص دون العموم هو إنكار أن أفعال الإنسان إنما هي أنماط عامة للسلوك تنطبق على كل إنسان في كل زمان، وليست أسماء أعلام خاصة تطلق على فرد معين أو جماعة معينة، في زمان معين ومكان معين، بل إن الفعل الفردي لا يكون كذلك إلا إذا كان نمطا عاما، قائما على مبدأ عام. العموم والخصوص إذن واجهتان لشيء واحد، يمكن تخصيص العام كما يمكن تعميم الخاص. لا يوجد عام إلا ويمكن تخصيصه، ولا خاص إلا ويمكن تعميمه.
63
وصيغة العموم هي الأصل، ولا يتحول إلى خصوص إلا بمخصص من السنة أو الإجماع أو القياس، ولكن هل يكون العقل مخصصا؟ في هذه الحالة يكون العقل مؤولا لا مخصصا؛ فالتخصيص نص من جنس العموم. وإن لم يكن في الوعد تخصيص ففي الوعيد تخصيص؛ لأن تحقيق الوعد مبدأ عام في حين أن تخصيص الوعيد من رفعة القدر.
64
ومن صفات التخصيص أن يكون العموم ظاهرا، وألا يتأخر عنه وإلا كان نسخا.
65
وبعد العموم والخصوص يأتي المجمل والمفسر، وهما المفهومان اللذان يشملان أساسا المحكم والمتشابه والظاهر والمؤول. فالمجمل هو الذي يحتاج إلى تفسير؛ وبالتالي فتعريف كل مفهوم يتم بالمفهوم الآخر، فهما مفهومان متضايفان أو متقابلان أو متضادان. أما التأويل، خاصة الباطني منه، فهو خروج على قواعد التفسير، والظاهر هو إمساك عنها. ويكون المجمل في عدة مواطن؛ فقد يكون الإجمال في الحكم والمحكوم فيه، وهو أشد أنواع الإجمال؛ فالنص هنا يحتوي على معنى عام لم يتحول بعد إلى حكم في الزمان والمكان، ولا يتوجه إلى محكوم فيه بعينه. وقد يكون الإجمال في الحكم فقط، في حين أن المحكوم فيه معلوم، وهو أقل إجمالا من الأول. فالحكم هو الذي يحتاج إلى أن يتحول من معنى عام إلى حكم خاص طالما أن المحكوم فيه قد تحدد من قبل. وقد يكون الإجمال في المحكوم فيه في حين أن الحكم معلوم، وهو عكس الحالة السابقة؛ لأن الإجمال هذه المرة في الإنسان الذي يتوجه إليه الحكم، في حين أن الحكم قد تحول من قبل من معنى عام إلى حكم خاص. وقد يكون الإجمال في الحكم والمحكوم له، ولكن المحكوم عليه معلوم، وفي هذه الحالة يكون المعنى ما زال عاما ولم يتحول بعد إلى حكم، وفي الإنسان الذي يتوجه إليه الحكم، في حين أن الفعل الخاص وهو المحكوم عليه معروف. يدل إذن المجمل والمفسر، وهو ما سماه الأصوليون في علم أصول الفقه المجمل والمبين، على بعد الإنسان الفردي وفعله الذي يتوجه إليه الحكم، في حين يدل الخاص والعام على بعد الإنسان أيضا من حيث هو فرد أو جماعة. المجمل هو القول والمبين هو الفعل، ولما كان القول أوسع نطاقا من الفعل احتاج المجمل إلى تبيين.
66
ويدخل المحكم والمتشابه أيضا كحالة خاصة في المجمل والمفسر؛ من أجل إحكام الزمان والمكان للفعل الإنساني؛ لذلك كانت مواطن الإجمال الباقية خاصة باللفظ والمعنى؛ فقد يكون الإجمال في اللفظ من جهة صلاحه لمعنيين حتى يتم اختيار أحدهما طبقا للزمان والمكان؛ أي الواقعة التي يتم فيها الفعل، وهذا هو حال المحكم والمتشابه. وقد يكون الإجمال في اللفظ في نفسه معلوما ثم صار مجملا باستثناء مجمل، وهذا هو حال المستثنى والمستثنى منه. وقد يكون الإجمال في اللفظ معقول المعنى لغويا، وضعت الشريعة له شروطا، مثل ألفاظ الصلاة والزكاة، ولكنه في حاجة إلى تأويل آخر؛ أي إخراج اللفظ من معناه الأصلي إلى معنى آخر؛ لوجود دليل أو إمارة أو قرينة، وهذا هو حال الظاهر والمؤول.
Shafi da ba'a sani ba