Daga Akida Zuwa Juyi: Annabci - Alkiyama
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Nau'ikan
60
والحقيقة أن الفرق بين المعجزة والسحر ليس كبيرا، ما دام كلاهما خرقا لقوانين الطبيعة وإنكارا لبداهات العقل.
61
كلاهما يقوم في الشعور على بناء واحد، وكلاهما يؤدي وظيفة واحدة. وإن اعتبار المعجزات حيلا ومخاريق رد فعل طبيعي على اعتبارها وقائع حدثت بالفعل، فكل منهما رد فعل على الآخر، وهي في الحقيقة صور فنية للتأثير على النفوس والإيحاء بالمعاني.
62
إن الطبائع لا تتغير لا بفعل المعجزة ولا تحت أثر السحر. هناك خواص للأشياء لا يمكن التحايل عليها أو سحرها إلا بخداع الحواس والإيهام. ليس هناك عين أو رقى؛ فالعين مجرد حدوث شر للآخر بناء على استكثار الخير له، ودون هذا الحكم النفسي من الذات فلا حكم بالشر على الواقع. أما بالنسبة للرقى فلا وجود لقدرة للكلام الكتابي المدون، مقطعا في حروف أو مجمعا في جمل. لا أثر للكلام إلا من خلال الصوت والتعبير والجهر بالقول، أو بتنفيذه في أحكام عملية وسلوك فعلي. وقد قامت إحدى الحركات الإصلاحية من قبل برفض الرقى والتماتم والأحجبة. إن ما يسمى سحرا هو تفاعل كيميائي في الظواهر الطبيعية، طبقا لقوانين التفاعل التي يسميها الجاهل بها سحرا، كما أن الحقائق تقوم على التمييز بين الواجب والممكن والمستحيل، وهي من بداهات العقول. السحر كالمعجزة نفي لقوانين الطبيعة، وزعزعة لثقة الشعور بالطبيعة والعقل، وجعله خاضعا لصاحب السلطة والأثر.
رابعا: تطور النبوة
لم يظهر الوحي مرة واحدة، بل وقع على مراحل؛ لا توجد إذن نبوة واحدة، بل عدة نبوات متتالية منذ أول الأنبياء وهو أول البشر، آدم، حتى آخر الأنبياء، دون أن يكون آخر البشر، محمد. فما الصلة بين مراحل الوحي السابقة؟ وما الصلة بين هذه المراحل جميعا وآخر مرحلة التي بها خاتم النبوة؟ ما صلة السابق باللاحق واللاحق بالسابق؟ هل صلة تقدم واكتمال، تغير وثبات، تطور وبناء؟
وقد سمى القدماء ذلك «النسخ»، ولا يعني النسخ فقط تبديل آية بدل آية، كما هو الحال في آخر مرحلة من مراحل الوحي، بل ظهور وحي تابع لوحي آخر، وظهور نبوة بعد نبوة. يعد النسخ هنا بين مرحلة وأخرى، وليس بين آية وآية داخل نفس المرحلة. هو النسخ العام وليس النسخ الخاص، نسخ النبوة وليس نسخ الآية، نسخ المسيحية لليهودية، ونسخ الإسلام للمسيحية مثلا. والنسخ لا يكون إلا في الشرائع والنظم والعبادات والأعراق، أما في العقائد فلا يوجد نسخ؛ فالقوانين النظرية واحدة لا تتبدل، أما كيفية ممارساتها وتطبيقاتها وصياغاتها في قوانين وتشريعات، فهي التي يقع فيها النسخ. لا يعني النسخ إذن الإبطال والإزالة، بل يعني التطور والتقدم وتكييف الشريعة طبقا لدرجة تقدم الوعي البشري في الأصول والفروع، ودفعها درجة أخرى إلى الإمام إسهاما في عملية الإسراع في التطور؛ من أجل الوصول إلى تحقيق الغاية من الوحي، وهو استقلال الوعي الإنساني عقلا وإرادة، في حين أن النسخ في آخر مرحلة يتوجه فقط إلى الفروع دون الأصول.
ولم يقتصر القدماء على ديانات الوحي المذكورة فيه فحسب، بل ضموا إليها الديانات البشرية الأخرى، التي قد تكون في أصلها نبوات إلهية، أو تكون نبوات إنسانية صرفة؛ لذلك لا يقتصر القدماء على الحديث عن اليهودية والمسيحية والإسلام كبرى المراحل، بل أيضا عن البراهمة والصابئة والمجوس، خاصة وأن لهم مواقف بالنسبة لديانات الوحي، ويعترفون بأنبيائهم ويقرون بنبواتهم.
Shafi da ba'a sani ba