Daga Akida Zuwa Juyi: Annabci - Alkiyama
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Nau'ikan
وبالتالي فهي ليست ضد العقل أو العالم، بل هي تقدم للعقل وتطوير للعلم. (2) استحالة المعجزة
إن لم تكن المعجزة مستحيلة عقلا لأنها واقعة مشاهدة عند بعض القدماء والمحدثين، فإنها عند البعض الآخر مستحيلة نظرا وعملا، إمكانا ووقوعا؛
19
فالبناء العقلي الذي تقوم عليه المعجزة بناء هاو لا أساس له، ويمكن التحقق من تهاوي هذا البناء بالعودة إلى معاني المعجزة وشروطها ودلالتها، وتقوم استحالة المعجزة على إنكار العلم بها.
20
فلا يكفي القول بأن الله خالق ومالك كل شيء لبيان إمكان المعجزة ووقوعها؛ فهذا هو تصور المجبرة، يفعل في الطبيعة ما يشاء؛ فلو كان ذلك صحيحا لما احتاج إلى رسول ومعجزة وتصديق وحساب وعقاب؛ فباستطاعته أن يخلق علما وتصديقا وإيمانا وثوابا للجميع، وقد تكون من فعل الرسول لتميز نفسه على باقي النفوس بصفائها وقدراتها الخاصة على التخيل، أو لمزاجه الخاص وقدراته الإبداعية المتميزة على غيره أو لكونه ساحرا عليما ببعض الطلسمات وببعض المركبات، كالمغناطيسية والكهرباء والضوء والصوت وسائر قوى الطبيعة، لعله علم ببعض الأجسام النباتية أو الحيوانية لها خواص عجيبة لا يعلمها الآخرون وليست لباقي الأجسام المألوفة، ولعله متصل ببعض «الجن والشياطين» والأرواح الفلكية أو الملائكة يعينونه عليها ويجعلونه أقدر من غيره على الإتيان بالأفعال غير المعتادة، ولعله تعلم صناعة النجوم وتأثيرها على هذا العالم واستعمل هذا الفن للتأثير على الناس إن حقيقة أو إيهاما، ولعل ما يقع منه كرامة لا معجزة، مجرد أفعال لأولياء يتخيلها الناس فيها لأنهم ينتظرون منهم أشياء على غير المألوف ما دامت حياته كلها كذلك.
21
ومع أن الكرامة من نفس نوع المعجزة إلا أنها أخف وطأة وأكثر مشاهدة وأقرب إلى الفهم، والمعجزات قدح في العقل وإنكار لبديهيات العقول ورجوع بالتطور البشري إلى الوراء قبل ختم النبوة، حيث كان العقل يقف عاجزا عن فهم قوانين الطبيعة، فيلجأ إلى السحر والعبادة درءا للخوف واتقاء للمخاطر، كما أنها إنكار لقوانين الطبيعة؛ فالمعجزة قدح في العقل وقدح في الطبيعة. وإن تكرار المعجزات إنما يدل على أنها ليست خوارقا للعادات، وإنما هي حوادث تتكرر على مدى العصور، في كل زمان ومكان؛ وبالتالي ينتفي منها الطابع الفريد، فإذا ما تكررت الحوادث الفريدة فإنها لا تصبح معجزة، وقد تحدث الحوادث الفريدة في قطر آخر أو بفاعل آخر ولا تكون فريدة فيه أو عنده، ويجوز العقل وقوع أمثالها في الماضي والحاضر والمستقبل. ما يهم فقط هو رصد حوادث التاريخ ومعرفة تاريخ السير والأبطال وحياة القادة العظام، وإذا ما تكررت الحادثة الفريدة أمكن إخضاع التكرار لقانون، وأصبحت الحوادث الفريدة كلها إنما تتم طبقا لقانون طبيعي، وتصبح حوادث طبيعية، بل إن خرق الحادثة الواحدة الفريدة للقانون الطبيعي العام إنما يتم وفقا لقانون آخر وليس ضد القانون الأول، ويساعد تكرارها على اكتشافه؛ ومن ثم تنتظم قوانين الطبيعة فيما بينها من حيث الخصوص والعموم، ما يصدق على بعض الظواهر، وما يصدق على بعض آخر أعم من الأول.
22
وقد تكون المعجزات في النهاية من فعل الأجسام بطباعها وليس خرقا لقوانينها، وتحدث طبقا للطبائع وليس قلبا لها؛ فقوانين الطبيعة ثابتة لا تخرق بفعل أحد، وإن خرقها لأدل على النفي منه على التصديق، وأدعى إلى زعزعة الثقة بالعقل وبالعلم منه إلى إعطاء معرفة أو تصديق بديل. هناك إذن قوانين الطبيعة وخواص الأشياء التي تمنع من التصديق بالمعجزة؛ بمعنى مناقضتها لها وجريانها على غيرها. المعجزات إذن ليس شيء منها من فعل الله؛ فالله قد خلق الأجسام ثم خلقت الأجسام الأعراض بأنفسها، وليست المعجزة حدوث أجسام وإنما حدوث أعراض في الأجسام على وجه لم تألفه العادة، والمتولدات من أفعال لا فاعل لها إلا الأجسام التي تتولد عنها الأعراض.
Shafi da ba'a sani ba