Daga Akida Zuwa Juyi: Annabci - Alkiyama
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Nau'ikan
وقد ظهر هذا التصور المادي للروح في إطار التصورات المادية القديمة التي انتشرت في البيئة الحضارية؛ فقد كانت الروح جسما ماديا يوصف بالطول والعرض والعمق. وهو تصور طبيعي صرف، لا يدخل في الاعتبار صلتها بالبدن. وقد تكون لها صفة الحد والنهاية؛ وبالتالي لا تفارق البدن عند الموت؛ ومن ثم لا تميز الحيوان في شيء.
35
وقد يتحدد الروح بالنفس، ويكون هو مصدر الحياة ومبدأها. ولا يختلف في هذه الحالة أيضا عن الجسد أو أحد عناصره مثل الدم أو المزاج، وهو اجتماع العناصر الأربعة في معنى خامس، أو الحرارة الغريزية، أو الأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ، والذي يتولد من حركة الدم في الشرايين والأوردة التي بها حياة كل حيوان، ولا تختص بنوع الإنسان وحده، وهو موضوع علم التشريح.
36
ولكن تظل الروح جسما والحياة عرضا لها. ومع ذلك تظهر بدايات التمرد على هذا التصور حين اعتبار البدن آفة على الروح وباعثا على الاختيار، وكأن الروح تتململ من وجودها في البدن، وتتمرد عليه، وتبغي التمايز عنه والاستقلال منه والخروج عليه. ولو خلص الروح من البدن لكانت كل أفعاله على التولد والاضطرار. وقد تصبح النفس معنى بين الجسم والجوهر؛ حتى يمكن الجمع بين التصورين المادي والروحي. وقد يحدث التمايز بين النفس والروح، وبين الروح والحياة؛ فالحياة عرض. وفي هذه الحالة، يكون النوم سلوب النفس والروح دون الحياة. ولكن، هل النفس عرض للجسم، آلة يستعين بها على الفعل؟ هل هناك روحان في كل جسد؛ روح اليقظة تغيب عند النوم، وروح الحياة التي تفارقه عند الموت؛ فالموتة موتتان؛ موتة عند النوم، وموتة عند الموت؟ وقد ارتبط هذا التصور المادي النسبي، الروح باعتباره نفسا وحياة وعرضا، بالبيئة الحضارية القديمة بعد عرضها على العقل والسمع وإيجاد بعض المشروعية لها، خاصة وأنها تجمع بين المطلبين العلمي والديني، العقلي والسمعي.
37
وقد تكون جوهرا متعلقا بالبدن غير داخل فيه ولا خارج عنه، ولا تكون جسما ولا عرضا. وهو أيضا تصور متوسط بين المادي والروحي، لا يبعد عن المادي، ولا يصل إلى الروحي.
38
وفي وسط هذه التصورات للروح لا ينسى الموضوع الأساسي، وهو المعاد والثواب والعقاب والغاية من إعادة الروح إلى الأجساد، ولكنه أيضا يتم تصوره على نحو مادي مكاني؛ فهناك أماكن للروح بعد الموت، وتختلف أماكن أرواح السعداء عن أماكن أرواح الأشقياء. قد تكون أرواح السعداء بأفنية القبور، أو في البرزخ عند آدم في السماء الدنيا، ولكنها لا تستقر على حال، تسرح حيث شاءت، وقد تصل إلى الشام، وقد تعود إلى بئر زمزم، وهي متفاوتة في مكانها أعظم التفاوت، كسبق على تفاوت مراتبها في الجنة. أما أرواح الكفار ففي بئر في حضرموت، سجين في الأرض السابعة السفلية. الأرواح السعيدة حرة تسرح كيفما شاءت، والأرواح الشقية سجينة. الأولى في السماء، والثانية في الأرض. الأولى في الارتفاع، والثانية في الانخفاض.
39
Shafi da ba'a sani ba