Daga Aqida Zuwa Juyin Juya Hali
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Nau'ikan
ويتم التجديد على نفس المنوال السابق بإظهار مسائل العدل من بطن التوحيد، وبتحويل النبوة إلى مسار تاريخي وليس إلى اتصال رأسي؛ وبالتالي يختفي أصل السمعيات بالإضافة إلى استبدال نظرية العلم الأولى بوصف تاريخي لنشأة علم الكلام، وكيفية حدوث الفرقة بين المسلمين، فالوصف التاريخي وبيان النشأة والتكوين أحد مصادر تأسيس العلم. تشمل المقدمات حوالي عشر العلم، وتعيد كتابة تاريخه لمعرفة ماذا حدث؟ وكيف نشأ؟ وكيف تطور؟ وكيف تكون؟ فإعادة التفسير والوصف هي الوسيلة للتصفية وإعادة البناء عن طريق الأحكام التاريخية التي هي أحكام فكرية ضمنية من أجل إعادة الوحدة الأولى بين الفكر والواقع قبل انفصالها إلى فرق منذ الفتنة، فوحدة الفكر تخلق وحدة الأمة.
16
أما نظرية الوجود فإنها أيضا تظهر في نظرية أحكام العقل الثلاثة التي يمحى فيها الفرق بين العلم والوجود؛ وبالتالي تدور المقدمة حول موضوع واحد، هو الفكر والواقع، إما من الناحية التاريخية الوصفية أو من ناحية الحكم والمنطق، وهو ما نحتاجه حتى الآن من إعادة تقييم لتراثنا القديم، وتحديد لصلة الفكر بالواقع، وفي مادة العلم ذاته يسقط اللفظان معا اللذان يشيران إلى محوري العلم، الإلهيات والسمعيات، وتظهر موضوعاتهما بلا تبويب لأصول متميزة، ولكن تتركز موضوعات التوحيد حول الصفات، وتشمل خمس الإلهيات في حين أن موضوعات العدل، خلق الأفعال، والحسن والقبح، يشملان الثلاثة أخماس الأخرى؛ وبالتالي تظهر مسائل العدل بعد أن اختفت من قبل ضمن باب الأفعال في التوحيد، أما الرسالة، وهي الوريث للنبوة التي هي بدورها الوريث للسمعيات، فإنها تفوق موضوعات التوحيد والعدل إلى درجة الضعف، ويتحدد فيها مسار الوحي في التاريخ، ولكن يضاف بعد جديد هو أخذ موقف من التراث الغربي عن طريق الدفاع ضد هجماته التي قام بها الاستشراق ضد التراث وقيمه؛ وبالتالي يكون موقفنا من التراث الغربي جزءا من دراستنا للتراث الحالي في المرحلة التاريخية الحالية، نهاية الثانية وبداية الثالثة، بعد أن أصبح مفتوحا على التراث الغربي ناقلا أو مقلدا، مترجما أو عارضا، مدافعا أو مهاجما،
17
وتسقط موضوعات المعاد والإيمان والعمل والإمامة، مما يدل أيضا على أن العمل السياسي الفردي والجماعي لم يدخل بعد كجزء أساسي في علم التوحيد إلا عند الشيعة مشخصا في الإمام، مع أن أول التوحيد أي الذات والصفات لا يجد له تفسيرا إلا في آخره؛ أي الإيمان والعمل والإمامة، فالتصور الوحيد لله، وهو الموضوع الأول في علم الكلام لا يوجد إلا في السياسة، وهو الموضوع الأخير، وأن «الذات» لا تتحقق إلا في الأمة، وأن الله بداية والدولة نهاية.
18
ورسالة «التوحيد» ليست رسالة مكتوبة، تعني مقالا أو كتابا أو مصنفا، بل تعني مسئولية التوحيد، وغايته، وتحقيقه، ومهمته، ودعوته.
19
وقد يغيب بناء العلم كلية ولكن يظل موضوعه قائما مدعما بالنصوص، ويظل موضوعه الأساسي التوحيد الموجه نحو العمل في مقابل التوحيد القديم الموجه نحو التشبيه والتشخيص، وهو التيار الغالب على جميع التيارات الإصلاحية التي تنقل الموضوع من مستوى الفكر إلى مستوى الواقع، ومن جانب النظر إلى جانب العمل. التوحيد موجه للسلوك وليس تصورا ذهنيا، ومع ذلك، لم تؤت هذه التيارات كل ثمارها بعد، لأن التوحيد ما زال تصورا مشخصا، بل وعقيدة إيمانية في حين أن محاربة البدع والخرافات ووسائل التقرب والشفاعة، كل ذلك عمل التوحيد الذي هو عملية حركية، وليس جوهرا ساكنا، ومصنفنا هذا في علم التوحيد «من العقيدة إلى الثورة»، ما هو إلا صهر لهذا التيار في صورة أكثر عقلانية، وبأسلوب تحليلي، يجمع فيه بين التحليل العلمي للموضوع والالتزام العملي بالواقع.
20
Shafi da ba'a sani ba