171

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (3): Adalci

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

Nau'ikan

31

فالحقيقة أنه لا فرق بين المعنى والصفة ما دام كل منهما قيمة مستقلة توجد في الفعل وتنبع من بنيته الداخلية ولا تتغير بتغير الإرادات المشخصة. وقد يترك لله إمكانية أن يأمر بالقبيح ولو جوازا فيكون قبيحا للنهي، وما لا يجوز فإنه يكون قبيحا لنفسه، وكذلك في الحسن كل ما جاز أن يأمر الله به فهو حسن للأمر وما لم يجز فهو حسن لذاته.

32

وذاك في الحقيقة ترك حق نظري ممكن له وانتزاع الحق العملي منه، وما دمنا في نطاق الفعل فإننا نكون على مستوى الحق العملي وليس على مستوى الحق النظري.

وأخيرا، هل يمكن نقد إثبات الصفات الموضوعية للأفعال؟ بالنسبة للخير لا إشكال هناك، فالإنسان خير بطبيعته، والخير في الفطرة، والحسن في الطبيعة. ولكن ماذا يكون الحال بالنسبة للشر؟ هل القبح صفة موضوعية في الشيء والفعل أم مجرد وجهة نظر أي إنها معرفة وليست وجودا؟ ألا يؤدي ذلك إلى إثبات الشر الكوني على ما هو معروف في الديانات الشرقية القديمة وعند الفلاسفة أنصار النظرية الكونية؟ إن القبح ليس في الوجود بل في الأفعال التي تتحقق وتصبح أوضاعا اجتماعية. ولما كانت الأفعال حرة فالأوضاع الاجتماعية تتغير طبقا لها. فإن وقع القبح في الوجود من الأفعال فإنه يكون قبحا طارئا متغيرا سرعان ما يأتي الحسن مكانه بالفعل الحر؛ فالحسن أقرب إلى طبائع الأشياء وتكوين الفطرة. والحرية أقرب إلى الممارسة اليومية من القهر والغلبة. فلا خطورة إذن من إثبات الصفات الموضوعية للأفعال من إثبات الوجود الموضوعي للقبح؛ فالقبح عرض والحسن جوهر. واحتمال وجود القبح تحد لحرية الإنسان ودافع على ممارستها.

رابعا: العقل والنقل

لما ثبت وجود الصفات الموضوعية للأفعال تحول السؤال من الموضوع إلى المعرفة وأصبح: كيف يمكن إدراك هذه الصفات بالعقل أم بالنقل؟ وكان الاختيار واضحا. فكل إنكار للصفات الموضوعية يجعل طريق إدراكها النقل لأنه لا يوجد شيء يمكن إدراكه بالعقل. فالموضوع والمعرفة كلاهما يأتيان من الخارج؛ من الإرادة المشخصة للآمر الناهي. وكل إثبات للصفات الموضوعية يجعل طريق إدراكها العقل لأنه قادر على التعامل مع الموضوعات المستقلة. والطريق إلى معرفة صفات الفعل إنما يتحدد فقط في المعاني الثالث للحسن والقبح، أي تعلق المدح والثواب بالفعل إن عاجلا أو آجلا ألزم الثواب والعقاب لأن المعنى الأول وهو الملاءمة والمنافرة للغرض يدركه الحس، والمعنى الثاني وهو الكمال والنقص يدركه العقل سواء ورد بهما الشرع أم لا.

1 (1) هل يمكن هدم العقل؟

إن اعتبار النقل أساسا لإدراك الحسن والقبح هو في الحقيقة هدم للعقل؛ لأنه في هذه الحالة لا وظيفة له في الإدراك ولا موضوع له للإدراك. فما دامت الصفات ليست ثابتة في الأفعال، فبطبيعة الحال يخبر الشرع بها في النقل وتقتصر وظيفة العقل حينئذ على فهم النقل ليدرك بدوره حسن الأفعال وقبحها،

2

Shafi da ba'a sani ba