Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (3): Adalci
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Nau'ikan
فالفعل الإنساني يتراوح بين الفعل والترك في موقف من المصلحة أو المفسدة. فما تركه مفسدة فهو الواجب، وما فعله مفسدة فهو الحرام. وما تركه مصلحة فهو المكروه، وما فعله مصلحة فهو المندوب. وما لا يدخل في الفعل أو الترك في المصلحة أو المفسدة فهو المباح. فالواجب فعل ترك وليس فعل إتيان لدرء المفاسد قبل أن يكون لجلب المصالح، والحرام فعل إتيان وليس فعل ترك لجلب المصالح قبل أن يكون لدرء المفاسد، ومن ثم يكون الترك أولى من الفعل، ويكون الترك فعلا أولى بالفعل من الفعل. والواجب والمندوب متقابلان في الترك والفعل وفي المفسدة والمصلحة لما كان الواجب تركه مفسدة والمندوب فعله مصلحة. كما أن المحروم والمكروه متقابلان أيضا في الفعل والترك وفي المفسدة والمصلحة لما كان المحرم فعله مفسدة وكان المكروه تركه مصلحة. ويتفق الواجب والمكروه في أن كليهما ترك ولكن يختلفان في المفسدة والمصلحة، فالواجب تركه مفسدة، والمكروه تركه مصلحة. كما يتفق المندوب والمحرم في أن كليهما فعل ولكن يختلفان أيضا في المصلحة والمفسدة، فالمندوب فعله مصلحة والمحرم فعله مفسدة، أما المباح فهو خارج الفعل والترك كما أنه خارج المصلحة والمفسدة هو الفعل الطبيعي الذي يعبر عن وجود الإنسان في العالم خارج العقل وخارج الإرادة باللجوء إلى الفطرة وبالعودة إلى الأشياء.
13 (3-1) بنية الأحكام الخمسة
وتنطبق هذه الأحكام الخمسة على أفعال الإنسان وليس على أفعال الله؛ لأنها أحكام لأفعال القصد والإرادة، وإن كان لا بد من وصف أفعال الله بالحسن والقبح، فإن ذلك يكون نتيجة لإسقاط الإنسان وصف أفعاله على غيره وليس لأنه يصح من الله أن تقع أفعال حسنة لها صفات زائدة على حسنها إلا العقاب، ثم تكون في هذه الحالة تفضلا ورحمة وإحسانا وليس وجوبا، فذلك أيضا إسقاط مقلوب، أي إسقاط أفعال الإنسان على الله ثم قلبها بدلا من أن تكون وجوبا إيجابا أم سلبا تكون عطاء وكرما. وكيف يكون الله لطيفا بنفسه إن كان اللطف للغير؟ فإن لم تجز عليه الأفعال صلاحا مثل النوافل فذاك أيضا إثبات لوجوب الأفعال صلاحا عند الإنسان ثم نفيها عن الله كأحد مظاهر النقص، مع أن أفعال الله اختيار لا وجوب، أي أنها تشارك أفعال الإنسان في حرية الاختيار، وكأن الحرية إسقاط مقبول من الإنسان على الله والوجوب إسقاط مقبول من الله على الإنسان. إن موضوعات الفعل الإرادي القصدي الذي يتصف بالحسن والقبح وأنواع الأفعال المستقبلة لأحكام الوجوب والندب والإباحة كلها أحكام للفعل الإنساني وليست لأفعال مطلقة للذات المشخص إلا بالإسقاط. فإذا ما أدى الإسقاط إلى التشبيه ترك الإسقاط واستعمل التنزيه المطلق بالفصل بين المستويين. فأفعال الله لا يصح فيها وجوب أو إلجاء أو ضرر أو نفع أو تستحق المدح والذم أو تجوز عليه المشقة والنصب. ولا توصف أفعاله بأنها ندب. ولا يفعل القبيح بل لا يختار بين الحسن والقبيح. أفعاله تفضل ويدخل في ذلك بداية الخلق والتكليف. لا يجب عليه إلا ما أوجبه بالتكليف والتمكين والألطاف والاستحقاق والآلام والأعواض. والخلاف فقط في وجوب الأصلح، وكأن وجوب الأصلح وحده هو الذي لا يتم الإسقاط فيه من الإنسان على الله، ولا يجوز عليه الترك لاستحالة كونه قادرا بقدرة حالة في محل أو ينتابه العجز. كل ذلك في الحقيقة تنزيه لله عن الوقوع في التشبيه بالإنسان في الأفعال. ويكون في هذه الحالة كل خطاب الإنسان عن الله مجازا مقلوبا. أحكام الأفعال إذن هي أحكام إنسانية خالصة تصف الأفعال، وهي تتحقق وتتحول إلى أبنية في الواقع، وليس منها وصف لله سواء كانت حسنا أم قبحا. هي أفعال إنسانية خالصة وليس منها لله شيء لطفا أو صلاحا. اللطف إن وقع فإنه لتحبيب الأفعال إلى النفس والصلاح إنما يقع تحقيقا لصلاح الإنسان. بل إن الخلق ذاته إنما هو لإثبات أن الذات لا بد لها من موضوع يدركه وأن الموضوع لا بد له من ذات تدركه، وأن الحقيقة هي علاقة بين الذات والموضوع. وإن كان الموضوع ذاتا تكون الحقيقة علاقة بين الذوات. والواجب لا يثبت ابتداء إلا لعلة بما في ذلك التكليف. فغاية التكليف الفعل والتحقيق وأداء الرسالة وتحقيق المثال إلى واقع، والواقع إلى مثال. والإثابة والتعويض كل ذلك داخل في بنية الفعل الإنساني الذي هو مقدمة لنتائج، والذي تتداخل فيه الأفعال سلبا وإيجابا طالما تتم في الزمان.
14
وكل فعل حسن أو قبيح ينقسم إلى قسمين: فعل يحسن لأمر يخصه مثل الإحسان وفعل يحسن لكونه لطفا أو مؤديا إلى فعل حسن مثل ذبح البهائم. والقبيح أيضا على ضربين: أحدهما يقبح لأمر يخصه لا لتعلقه بالغير مثل كون الظلم ظلما والكذب كذبا، وإرادة القبح والجهل وتكليف ما لا يطاق وكفر النعمة ، والثاني لتعلقه بما يؤدي إليه مثل القبائح الشرعية التي تؤدي إلى قبح عقلي أو الكف عن الواجبات. فكذلك الواجب باعتباره فعلا حسنا ينقسم إلى قسمين: واجب لأمر يخصه مثل شكر المنعم والإنصاف والتفرقة بين المحسن والمسيء، وواجب لأمر يتعلق به مثل الواجبات الشرعية وكونها مصلحة ولطفا.
15
فاللطف هو الذي يمنع أن يكون الفعل مصلحة للفرد ومفسدة لغيره، وكأن اللطف هو تبرير للشر ودعوة لقبوله ما دام الصلاح للفرد والفساد للغير، قسمة غير عادلة في أصل العدل! يأخذ الإنسان النصيب الأوفى ويطلب من الآخر الصبر والسلوان.
وقد تكون القسمة ثلاثية، وبالتالي تنقسم الواجبات العقلية إلى ثلاثة أضرب: ما يجب لصفة تخصه مثل رد الوديعة وشكر النعمة، وما يجب لكونه لطفا في غيره كالنظر في معرفة الله والشرعيات، وما يجب من حيث كونه تركا كالقبيح وتحرزا من فعله، وهو الواجب عن طريق نفي الضد، فالترك فعل كالفعل. وكذلك تنقسم القبائح إلى ثلاثة أضرب: ما يقبح لصفة تخصه مثل كونه ظلما وكذبا وعبثا، وما يقبح لكونه مفسدة في غيره، وما يقبح لأنه ترك لواجب معين وناف لوجوده، فالترك أيضا فعل.
16
ولماذا لا ينقسم الترك أيضا في كلتا الحالتين إلى ترك لأمر يخصه وإلى ترك لأمر يخص الغير؟ إن ما يهم في هذه القسمة هو التفرقة بين فعل الذات للذات، وفعل الذات للغير. فالحسن والقبح ليست فقط أفعالا فردية، بل هي أيضا أفعال اجتماعية. (3-2) تعريف الأحكام الخمسة
Shafi da ba'a sani ba