Min Balaghat al-Qur'an fi al-Ta'bir bi al-Guduw wa al-Asal
من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال
Nau'ikan
ولتكن البداية تتبعًا لمعاني أكثر هذه الألفاظ ورودًا في النظم القرآني، وهي كلمة (العشي) .. فقد وردت هذه الكلمة المراد بها آخر النهار في مقابلة أوله تسع مرات، أربعا منها قوبلت بـ (الإبكار) وذلك في قوله سبحانه: (واذكر ربك كثيرًا وسبح بالعشي والإبكار.. آل عمران/٤١)، وقوله:) فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيًا.. مريم /١١)، وقوله: (لا يسمعون فيها لغوًا إلا سلامًا ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا.. مريم /٦٢)، وقوله: (واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار.. غافر/٥٥) .. وثلاثا قوبلت فيها بلفظة (الغدو)، وهي قوله: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.. الأنعام/٥٢)، وقوله: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.. الكهف/٢٨)، وقوله: (النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا.. غافر/٤٦) .. كما قوبلت مرة بـ (الإشراق)، وذلك في قوله: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق.. ص/١٨) وأخرى بالإظهار، وذلك في قوله: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السموات والأرض وعشيًا وحين تظهرون.. الروم/١٧، ١٨)، وقدمت كلمة (العشيّ) في هذه المرات التسع أربع مرات، وتأخرت عن أضدادها في الخمس المتبقية.
والعشي في أصله من العشا وهو سوء البصر بالليل والنهار من غير عمى، ويكون في الناس والدواب والإبل والطير (١) يقال: (ركب فلان عُِشوة): إذا باشر أمرًا على غير بيان (٢) ومن أمثالهم السائرة: (هو يخبط خبْط عشواء)، يُضرب مثلًا للسادر الذي يركب رأسه، ولا يهتم لعاقبته، كالناقة العشواء التي لا تبصر فهي تخبط بيديها كلّ ما مرت به، وشبه زهير في قوله:
رأيت المنايا خبْط عشواء من تُصبْ تُمِتْه ومن تخطىء يُعَمِّر فيهرِم
(١) ينظر لسان العرب ٤/٢٩٥٩. (٢) أساس البلاغة ٢/١١٨.
1 / 4