Min Balaghat al-Qur'an fi al-Ta'bir bi al-Guduw wa al-Asal
من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال
Nau'ikan
وفي مراعاة تقديم ما هو ألصق بالسياق في آية الروم وأدل عليه يقول الفخر الرازي: إنه "قدم الإمساء على الإصباح ههنا وأخره في قوله تعالى: (وسبحوه بكرةً وأصيلًا.. الأحزاب/٤٢) لأن ههنا، أول الكلام ذِكْر الحشر والإعادة من قوله تعالى: (الله يبدأ الخلق ثم يعيده) إلى قوله تعالى: (فأولئك في العذاب محضرون.. الروم/١١-١٦)، وآخر هذه الآية أيضًا – يعني ما جاء عقبها- ذكر الحشر والإعادة بقوله تعالى: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وكذلك تخرجون.. الروم/١٩) والإمساء آخر فذكر الآخر أولًا لتذكر الآخرة" (١) وهو في معنى ما ذكره البقاعي في حق آية غافر وفاءً بحق السياق. ويريد الرازي بما ذكره أن مقابلة العشيّ بالظهيرة والإمساء بالإصباح وتقديم ما تقدم في كلٍُ جاء ملائمًا للسياق في التذكير بيوم القيامة، فعلى نحو ما يعقب الركونً إلى الدعة والراحة والنوم والسكون في الإمساء والعشي حركة بعد الاستيقاظ وانتشار، يعقب الموت وإعادة إحياء الخلق من جديد، وإخراجهم من قبورهم، الحشر واجتماع الناس في يوم لا ريب فيه، ولما كان الموت الذي يمثل الإمساء والعشيّ، ويشبهه في ترتيبه الزمني بوقوعه قبل الحشر، وكان الغرض من السياق التذكير بالآخرة قدم من ثمت الإمساء والعشيّ، ردًا على قالتهم السوء بإنكار البعث والحساب من ناحية، وإقامة للحجة عليهم بنصب الأدلة عليهما بتشبيههما بالاستيقاظ بعد الموتة الصغرى من ناحية أخرى.
(١) الرازي ١٢/٤٥٢.
1 / 24