Daga Adabin Wasan Kwaikwayo na Yamma
من أدب التمثيل الغربي
Nau'ikan
سجين
برسيفونيه
من أدب التمثيل الغربي
من أدب التمثيل الغربي
تأليف
طه حسين
أحمر
لم تجد هذه القصة من النقاد حين مثلت إلا ثناء وإطراء؛ لأنها فيما يظهر لاءمت ميول الفرنسيين عامة، والباريسيين خاصة في هذه الأيام. ولعلها من بعض نواحيها تلائم ميول المثقفين والأدباء من غير الفرنسيين أيضا، فأظهر ما تمتاز به هذه القصة أنها رقيقة لينة لا عنف فيها، ولا جهد، وإنما تمس الأشياء مسا سهلا هينا؛ هو إلى الإشارة والتلميح أقرب منه إلى النص والتصريح. وأظن أن هذا النحو من الميل الأدبي قد أخذ يعم وينتشر في هذه الأيام، وأخذ الناس يكرهون التصريح الملح، ويعودون إلى الاكتفاء بالإيماء والرمز، وباللمحة الدالة كما يقولون، ولا سيما حين لا يكون الموضوع الذي يتناوله الأديب خليقا بالتصريح والجلاء.
وموضوع هذه القصة في ظاهره على أقل تقدير، هو الهجاء السياسي. وقد تعود الناس في الهجاء السياسي أن يكون صريحا كل الصراحة، واضحا كل الوضوح، يتجه اتجاها مباشرا إلى العاطفة التي يريد الكاتب أن يستثيرها. فإذا وفق الكاتب الأديب في هذه الأيام إلى أن يحسن الهجاء السياسي دون أن يورط نفسه فيما ألف الناس من تصريح لا يحتمل اللبس، ووضوح لا يتعرض للغموض؛ فقد وفق إلى الإجادة التي يألفها الذوق المترف الحديث.
وصاحب هذه القصة بارع في التعريض، موفق حين يقصد إلى السخرية، التي تلذع ولا ترى، وتؤذي وكأنها لا تحس. وهو قد أراد في هذه القصة أن يعبث بطائفة من رجال السياسة عرفتهم الحياة العامة في هذا العصر الحديث، يتخذون لأنفسهم آراء متطرفة مسرفة في التطرف، ولكنهم يتخذون لأنفسهم مع هذه الآراء سيرة تناقضها كل المناقضة، وتخالفها أشد الخلاف؛ فهم في مذهبهم السياسي اشتراكيون غلاة، أو شيوعيون مسرفون في الشيوعية. ولكنهم في سيرتهم الخاصة حراص كل الحرص على تقاليد بيئتهم التي نشئوا فيها؛ وهي بيئة الأغنياء، أوساط الناس، يعيشون إذا خلوا إلى أنفسهم عيشة فيها ترف، بل إسراف في الترف، وفيها يسر، بل إغراق في اليسر. وفيها تفنن في التماس اللذة وتذوقها. فإذا لقوا أتباعهم وأنصارهم، أظهروا زهدا في اليسر والترف، وهجوما عنيفا على أصحاب اليسر والترف. وهم كذلك يخدعون الناس ويمضون في هذا الخداع حتى ينتهوا أحيانا إلى خداع أنفسهم والاقتناع بأنهم اشتراكيون أو شيوعيون حقا. فإذا حللت حياتهم وسيرتهم؛ لم تجد بينهم وبين الاشتراكية والشيوعية سببا، إنما هم قوم قد اتخذوا السياسة صناعة يستعينون بها على إنفاق الوقت كما يستعينون بها على التماس ما يحتاجون إليه من السلطان والجاه؛ فهم يكذبون على الناس، وهم يكذبون على أنفسهم، وهم يظفرون بتصديق الناس، ويظفرون بتصديق أنفسهم أيضا. وما أكثر ما سمعنا عن هذا الزعيم أو ذاك من قادة الرأي الاشتراكي أو الشيوعي، يظهر للناس خصما شديد الخصومة لرأس المال وما يستتبع من نظام سياسي واقتصادي، صديقا قوي الصداقة للمساواة والثورة التي تؤدي إليها. ويتخذ لنفسه منزلين، منزلا يلائم مذهبه السياسي يلقى فيه أنصاره وأتباعه، من العمال والبائسين، ومنزلا آخر يلائم ذوقه المترف وشخصه الممتاز الحريص على الامتياز يلقى فيه أصدقاءه وأحباءه وشركاءه في الترف واللهو والتماس اللذة والنعيم.
Shafi da ba'a sani ba