Daga Adabin Wasan Kwaikwayo na Yamma
من أدب التمثيل الغربي
Nau'ikan
نحن على كل حال في غرفة غريبة مظلمة مضيئة في وقت واحد. في غرفة من غرف الأسرار هذه التي تملؤها الألغاز وتجري فيها أمور غير مألوفة. ولا غرابة في ذلك، فنحن في غرفة امرأة عرافة تنبئ بالغيب، تقص ما كان، وتصف ما هو كائن، وتنبئنا بما سيكون.
وبين يدي هذه المرأة العرافة سيدة جميلة غنية ظاهرة الغنى، كثيرة الكلام، منطلقة اللسان، لا تكاد تكف عن السؤال، ولكنها في الوقت نفسه لا تكاد تكف عن الشرح والتفسير، والتعليق على ما تقوله. وهي قد جاءت تسأل العرافة عن أمرها وتستعين بها على أن تهتدي إلى زوجها الذي خانها خيانة غريبة. فهو قد اتخذها له زوجا حين كانت فتاة فقيرة بائسة تعيش عند خالة أو عمة لها وتلقى كثيرا من الألم والحرمان في حياتها. فلما اتخذها له زوجا أتاح لها من النعيم ومنحها من الحب ما حبب إليها الحياة وسلاها عن كل ما وجدت من شقاء.
وقد ضمن لها السعادة عشر سنين، ثم ماتت خالتها أو عمتها وأصبحت هي غنية واسعة الغنى، وإذا زوجها يتركها فجاءة دون أن يعدها لذلك أو ينبهها إليه؛ وهي تبحث عنه، وتلح في البحث، ولكنها لا تهتدي إليه، وإنما تهتدي إلى أنه قد تزوج امرأة أخرى خرساء صماء، فمنحها حظا من سعادة. ثم استخفى، وبحثت عنه الخرساء الصماء، فلم تهتد إليه، ولكنها اهتدت إلى أنه قد تزوج امرأة ثالثة، كانت مومسا، ملحة في الغي، فاستنقذها من الإثم، ومنحها حظا من سعادة وحب، ثم استخفى منها، فلم تقف له على أثر. وصاحبتنا هذه لم تيأس، ولم تكل، فهي ملحة في البحث عنه، قد وكلت به من يلتمسه في كل مكان وفي كل بيئة، وجاءت تسأل عنه العرافة لأنها تحبه أشد الحب، ولا تستطيع أن تسلوه ولا أن تتعزى عن هذه السعادة التي وجدتها في عشرته. وهي لا تكتفي بسؤال العرافة عن أمر نفسها، ولكنها تسأل العرافة أيضا عن أمر كلبها هذا الذي تصطحبه، والعرافة تعبث بها، وترثي لها، وتنبئها من أمر الكلب بما ترضى وما تكره. فإذا خرجت هذه المرأة أقبل على العرافة رجل شيخ ضعيف مريض محزون يستعينها على ابنه الشاب الذي يطلب العلم في الجامعة، والذي أفسدت أزمات الشباب عليه أمره، فهم أن يقتل نفسه، فلما حيل بينه وبين ذلك مرة هم به مرة أخرى. والعرافة تعده بالنظر في ذلك والجد في شفاء ابنه من هذا الداء العضال. ويخرج هذا الرجل وتدخل امرأة جميلة تصطنع الرقص في بعض ملاعب التمثيل، جاءت تستعين بهذه المرأة على زوجها الشاب الذي لا يحبها ولا يحرص على عشرتها، وإنما هو يهملها إهمالا، ويلهو عنها بكل من تعرض له من صاحبات العبث والمجون، والعرافة تعدها وتمنيها وتشجعها وتؤكد لها أنها تعرف زوجها حق المعرفة ولا تشك في أنه ثائب إليها إذا عرفت كيف تثير الغيرة في نفسه، ثم تتنبأ لها بأن حياتها ستتغير إذا كان المساء. فسيعرض عليها في الملعب شيء ذو بال. فإذا خرجت هذه المرأة أقبلت امرأة أخرى متقدمة في السن، ومعها ابنتها وشاب آخر لا نكاد نسمع حديثه حتى نعرف أنه طالب في الجامعة مفتون بعلم العلماء، ساخر من هذه العرافة ومن سخفها، وحتى نعرفه فهو ابن ذلك الشيخ الذي تحدثنا عنه آنفا، وهو الشاب الذي هم أن يقتل نفسه مرات.
أما الفتاة التي تصاحب هذه الشيخة، ففتاة بائسة قبيحة الشكل دميمة الصورة مريضة قد أصابها السل، وهي تأبى أن تستشير الطبيب؛ لأنها يائسة من الحياة أشد اليأس. وهي اليوم تشكو ألما في أسنانها، وقد زعمت لها أمها أن هذه العرافة تشفي من كل داء، فأقبلت تلتمس عندها شفاء مما تجد. وهذه العرافة تنهض وتصطحب الفتاة لحظة ثم تعود، فتطلب إلى الفتى أن ينصرف، وتتحدث إلى الشيخة حديثا نفهم منه أنها قد سلطت على الفتاة النوم المغناطيسي لتعرف سرها ولتتبين مصدر هذا اليأس الذي يملأ قلبها، ويزهدها في الحياة. ثم تدعو الفتاة، فإذا أقبلت سألتها عما تجد، فتعلن الفتاة أنها محزونة يائسة؛ لأنها قبيحة الشكل دميمة الصورة، تتمنى الحب، ولا تجد إليه سبيلا. ومن ذا الذي يحب فتاة مثلها لها هذا الشكل البغيض. ثم توقظ العرافة هذه الفتاة، وإذا هي قد برئت مما كانت تجد من ألم. فإذا انصرفت المرأة وابنها أقبل رجل آخر لا يريد أن يسأل العرافة عن شيء، وإنما يريد أن يلقى طبيبا يقيم في هذا البيت، واسمه الدكتور فريجولي، فلا يكاد يسأل العرافة عن هذا الطبيب حتى تلقي عن نفسها ثوبا وعن رأسها شعرا، وإذا هي من دون ذلك رجل كان مستخفيا قد اتخذ زي المرأة، وهو الدكتور فريجولي نفسه. وصاحبه الذي جاء سائلا عنه ودهش أشد الدهش، لم يكن يقدر أن الطبيب يتخذ زي المرأة ويحترف صناعة العرافة ويعبث بعقول الناس ويأخذ أموالهم، ولكننا نفهم من هذا الحديث أن الطبيب ليس صاحب لهو ولا عبث، وإنما هو رجل قد وقف جهوده على معونة الفقراء والبائسين، وهو يأخذ المال من الأغنياء ولكنه يعين به الفقراء، وهو إنما ضرب لصاحبه هذا الموعد ليتحدث معه في بعض هذا الشأن، وليتم معه اتفاقا غريبا له خطره وقيمته.
فهذا الرجل مدير ملعب من ملاعب التمثيل، وقد أقبل يتم مع الطبيب عقدا يبيح للطبيب أن يأخذ من فرقته بعض الممثلين؛ ليستعين بهم على تمثيل قصة خاصة في ملعب خاص، على نحو غير مألوف. وقد تم الاتفاق بين الرجلين وأمضى العقد ودفع الأجر في حديث ممتع لذيذ.
وقد خرج الرجلان ليذهبا إلى الملعب حيث الممثلون يتهيئون للتمثيل، وحيث يستطيع الطبيب أن يختار من بينهم من يريد.
ويتغير المنظر، فإذا نحن في الملعب نشهد الممثلين وهم يجربون أنفسهم للتمثيل، وهم يعدون قصة معروفة تصور الحياة الرومانية في عصر نيرون. وكم كنت أحب أن ألخص لك هذا الموضع من القصة، فهو طريف حقا؛ لما فيه من تصوير حياة الممثلين إذا خلوا إلى أنفسهم وأخذوا يتهيئون من وراء الستار للتمثيل أمام النظارة. ولكني مضطر إلى أن أهمل هذا القسم البديع من القصة اجتنابا للإطالة، ولما تستتبعه من الشرح والتفسير. ولكننا نتبين بين هؤلاء الممثلين ثلاثة أشخاص ممتازين، فأما أحدهم فشاب جميل وسيم له حظ عظيم من الرشاقة وخفة الروح، وهو يمثل في القصة رجلا رومانيا جميلا خلابا، وهو زوج الراقصة التي أشرنا إليها في أول الحديث. والشخص الثاني هو الراقصة نفسها، وهي فتاة جميلة خلابة تحب الفن وتخلص له. والشخص الثالث رجل خفيف الروح غليظ الجسم محبب إلى النفوس، كان يمثل في القصة الرومانية مضحك نيرون. وقد اختار الطبيب هؤلاء الأشخاص الثلاثة واتفق معهم على قصته الخاصة، وعرض على كل واحد منهم دوره في هذه القصة وأرضاه فيما طلب من أجر. وهذه القصة الخاصة التي يريد الطبيب من هؤلاء الأشخاص أن يمثلوها يسيرة جدا. فهي ستمثل في غير ملعب ، وهي ستمثل بغير قصة مكتوبة. هي قطعة من الحياة اليومية سيمثلها هؤلاء الناس ليعينوا بها قوما بائسين على احتمال البؤس، وينقذوا بها قوما أشقياء مما يجدون من شقاء.
فأنت قد رأيت في أول الفصل هذه الفتاة البائسة اليائسة التي تؤثر الموت؛ لأنها دميمة لا تجد سبيلا إلى الحب، ورأيت هذا الفتى الذي هم أن يقتل نفسه مرتين، ورأيت هذا الشيخ البائس المريض المشفق على ابنه من الموت، فلا بد من أن يتعزى هؤلاء الأشخاص الثلاثة، وعزاؤهم هو قصة هؤلاء الممثلين. فأما الممثل الجميل فيجب أن يتكلف حب الفتاة الدميمة حتى يرد إلى قلبها الأمل وإلى جسمها الصحة. وأما الراقصة الجميلة، فيجب أن تتراءى لهذا الفتى اليائس وتتلطف له وتظهر له حبا وكلفا، حتى ترد إلى نفسه الرجاء والإيمان بالحياة. وأما مضحك نيرون فيجب أن يتكلف صداقة الشيخ المريض حتى يعينه على احتمال مرضه وفقره، ويجب أن ينهض مع ذلك بتلهية القوم جميعا. ومن أجل هذا كله ستصبح الراقصة خادما عند تلك الشيخة، وسيصبح الفتى موظفا في بعض الشركات يستأجر غرفة من الغرفات عند هذه الشيخة أيضا، وسيصبح المضحك طبيبا من أطباء الجيش قد أحيل إلى المعاش. أما الدكتور فريجولي نفسه فسيتغير اسمه مرة أخرى، فيصبح تاجرا لأسطوانات الفنوغراف يسمى شميدت.
ثم يرفع الستار بعد شهر من هذا التدبير، وإذا نحن في الفصل الثاني من فصول هذه القصة نشهد الممثلين وهم يعملون. فأما الفتاة الراقصة فهي خادم تغسل الأرض، وقد وقف الفتى الذي كان بائسا منها غير بعيد ينظر إليها، وينظر في كتاب من كتب الفقه الروماني يتحدث إليها ويتكلف القراءة في الكتاب، والفتاة رفيقة به مغرية له شفيقة عليه، وهو من غير شك مشغوف بها، يحبها أشد الحب، ويريد أن يعرب لها عن ذلك، ولكنه لا يجد الجرأة على هذا الإعراب. وأما الفتاة التي كانت مريضة يائسة منذ شهر، فقد عاد إليها شيء من الصحة، وكثير من النشاط، وأخذت تحب الحياة وتتزين لها، فأصلحت من زيها ومن شكلها؛ لأنها أخذت تحس أن الممثل الجميل يظهر ميلا إليها، وعناية بها. ولم لا؟ إنه يتعلم عليها الكتابة على الآلة الكاتبة. وانظر إليه وقد أقبل يتلقى درسه فإذا هو يداعب الفتاة ويلاطفها، ثم ينتهي به الأمر إلى أن يعلن إليها حبه، وإذا الفتاة قد ردت إليها الحياة، وانفتحت لها أبواب الأمل على مصاريعها، وهي مجنونة أو كالمجنونة مرحا وفرحا، تضحك وتبكي في وقت واحد.
وأما الشيخ الذي كان مريضا منذ شهر مشفقا على ابنه متألما لفقره، فقد عاد إليه شيء من صحة ونشاط أيضا، أليس المضحك قد أصبح له رفيقا يذهب معه إلى الكنيسة ويلعب معه الشطرنج، ويسليه ويسلي غيره من أهل البيت عن آلام الحياة؟ كلهم راض وكلهم مبتهج، إلا امرأة تقيم في البيت وتعمل في بعض المدارس قد أحبت العلم، وآمنت به، واستسلمت له، فجفف عقلها تجفيفا، وملأ قلبها قسوة وجدا، فهي تنكر ما ترى، وتأنف من هذا العبث الذي تراه بين هؤلاء الناس، ومن هذا الحب الآثم الذي تحس نشأته بين هؤلاء الشبان. وإن كانت هي في حقيقة الأمر تكذب نفسها بعض الشيء؛ فهي تحب هذا المضحك وتخفي هذا الحب، حتى على نفسها. وهي تتكلف المرض لتستشير هذا المضحك الذي ينتحل الطب، والمضحك لا يكره هذا الحب لأنه ينتظر من ورائه مالا.
Shafi da ba'a sani ba