قال أبو الفضل: ثم امتحن القوم، فوجه بمن امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم جميعا غير أربعة: أبي، ومحمد بن نوح، وعبيد الله بن عمر القواريري، والحسن بن حماد سجادة، ثم أجاب عبيد الله بن عمر، والحسن بن حماد، وبقي أبي، ومحمد بن نوح في الحبس، فمكثا أياما في الحبس، ثم ورد الكتاب من طرسوس بحملهما، فحمل أبي ومحمد بن نوح رحمهما الله مقيدين زميلين، وأخرجا من بغداد فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحول أبي، فقال: يا أبا عبد الله، إن عرضت على السيف، تجيب؟ فقال: لا، قال أبي: فانطلق بنا حتى نزلنا الرحبة، فلما رحلنا منها وذلك في جوف الليل وخرجنا من الرحبة، عرض لنا رجل، فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا، فسلم علي ثم قال لي: يا هذا، ما عليك أن تقتل ههنا، وتدخل الجنة ههنا، ثم سلم وانصرف، فقلت: من هذا؟ فقيل لي: هذا رجل من العرب من ربيعة، يعمل الشعر في البادية، يقال له: جابر بن عامر.
فلما صرنا إلى أذنة ورحلنا منها -وذلك في جوف الليل- فتح لنا بابها، ولقينا رجل ونحن خارجون من الباب وهو داخل، فقال: البشرى! قد مات الرجل، فقال أبي: فكنت أدعو الله أن لا أراه.
فحدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا معمر بن سليمان، عن فرات بن سلمان، عن ميمون بن مهران، قال: ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على سلطان وإن قلت: آمره بطاعة الله، ولا تصغين سمعك لذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه، [ولا تدخل على امرأة، ولو قلت: أعلمها كتاب الله].
Shafi 30