Mihna akan Imam Ahmad
المحنة على إمام أهل السنة أحمد بن حنبل
Nau'ikan
وكان في هذه الدار حجرة صغيرة فيها بيتان، فقال: أدخلوني تلك الحجرة، ولا تسرجوا لي سراجا، فأدخلناه، فجاء يعقوب، فقال: يا أبا عبد الله، أمير المؤمنين مشتاق إليك، ويقول: انظر اليوم الذي تصير إلي فيه أي يوم هو حتى أعرفه. فقال: ذلك إليكم، فقال: يوم الأربعاء يوم خال. ثم خرج يعقوب، فلما كان من الغد جاء، فقال: البشرى يا أبا عبد الله، أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: قد أعفيتك عن لبس السواد والركوب إلي وإلى ولاة العهود وإلى الدار، فإن شئت فالبس القطن، وإن شئت فالبس الصوف. فجعل يحمد الله على ذلك.
ثم قال له يعقوب: إن لي ابنا وأنا به معجب، وله من قلبي موضع، فأحب أن تحدثه. فسكت، فلما خرج قال: أتراه لا يرى ما أنا فيه!
وكان يختم من جمعة إلى جمعة، فإذا ختم دعانا، فيدعو ونؤمن على دعائه، فلما كان غداة الجمعة وجه إلي وإلى عبد الله أخي، فلما أن ختم جعل يدعو ونحن نؤمن عليه، فلما فرغ جعل يقول: أستخير الله، مرارا. فجعلت أقول: ما تريد. ثم قال: إني أعطي الله عهدا إن عهده كان مسئولا، وقد قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} إني لا أحدث حديثا تماما أبدا حتى ألقى الله عز وجل، ولا أستثنى منكم أحدا. فخرجنا وجاء علي بن الجهم فقلنا له، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأخبر المتوكل بذلك . وقال: إنما تريدون أن أحدث فيكون هذا البلد حبسي، وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد لما أعطوا فقبلوا، وأمروا فحدثوا. وكانوا يدخلون عليه فيتكلمون وهو مغمض العينين يتعال، وضعف ضعفا شديدا، فكانوا يخبرونه فيستوجع لذلك. وجعل يقول: والله لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان، وإني لأتمنى الموت في هذا، وذاك أن هذا فتنة الدنيا، وكان ذاك فتنة الدين. ثم جعل يضم أصابع يده ويقول: لو كانت نفسي في يدي لأرسلتها، ثم يفتح أصابعه.
وكان المتوكل يوجه إليه في كل وقت يسأله عن حاله.
Shafi 110