139

الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها

أحدها: ما اعتمده (ابن الحاجب) في (مختصر المنتهى)، وهي أنه لو حسن الفعل وقبح لغير الطلب لم يكن تعلق الطلب لذاته، وهي مبنية على أن كلام الله تعالى قديم، وأنه معنى قائم بذاته، وتوضيحها أن الأشاعرة يقولون بقدم كلام الله تعالى، وأنه معنى كما ذكرنا.

قالوا: والمعنى المراد هنا وهو الطلب مغاير للإرادة والعلم والفكر، وسموا هذا المعنى طلبا؛ لأن أحدنا يجد من نفسه إذا أراد أن يأمر غيره بشيء أنها طالبة لذلك الشيء سواء وجدت الحروف والأصوات أم لا، وذلك الطلب هو الكلام عندهم لا صيغة الأمر والنهي؛ إذ لو كان الطلب هو الصيغة لما اختلف حاله بالمواضعة، ومعلوم أنه يختلف باختلاف المواضعة، فإنه يجوز أن توضع صيغة الطلب للخبر والعكس، بل يجوز أن لا توضع لمعنى، وإذا ثبت وجود الطلب من دون الحروف والأصوات، وأن صيغة الطلب لم يكن لمجردها اقتضاء، ثبت أنها لم تكن أمرا ولا نهيا إلا لدلالتها على الطلب، وذلك الطلب هو الأمر والنهي، قالوا: وماهية الطلب ليست أمرا وضعيا بدليل أنها لا تنقلب ماهية لغيره، قالوا: فثبت أن الكلام النفسي هو هذا الذي لا تنقلب ماهيته، والصيغة دالة عليه، وإذا ثبت هذا فالمعلوم ضرورة أن الطلب متميز عن العلم والإرادة، والفكر، والقدرة، والحياة وغيرها، وإنما يشتبه ببعضها، وذلك نحو اشتباه طلب الفعل بالإرادة، وطلب الترك بالكراهة.

Shafi 139