203

Mabudin Dāri Sa'ada

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tariqa
ودوام مُشَاهدَة النُّفُوس لَهُ بِحَيْثُ صَار عَادَة ومألفا منعهَا من الِاعْتِبَار بِهِ وَالِاسْتِدْلَال بِهِ على النشأة الثَّانِيَة وإحياء الْحلق بعد مَوْتهمْ وَلَا ضعف فِي قدرَة الْقَادِر التَّام الْقُدْرَة وَلَا قُصُور فِي حكمته وَلَا فِي علمه وَيُوجب تخلف ذَلِك وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء ويضل من يَشَاء وَهَذَا ايضا من اياته الباهرة ان يعمى عَن هَذِه الايات الْوَاضِحَة الْبَيِّنَة من شَاءَ من خلقه فَلَا يَهْتَدِي بهَا وَلَا يبصرها لمن هُوَ وَاقِف فِي المَاء الى حلقه وهويستغيث من الْعَطش وينكر وجود المَاء وَبِهَذَا وَأَمْثَاله يعرف الله ﷿ ويشكر ويحمد ويتضرع اليه وَيسْأل
فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ
خلجان من الْبَحْر الْمُحِيط الاعظم بِجَمِيعِ الارض حَتَّى ان المكشوف من الارض وَالْجِبَال والمدن بِالنِّسْبَةِ الى المَاء كجزيرة صَغِيرَة فِي بَحر عَظِيم وَبَقِيَّة الارض مغمورة بِالْمَاءِ وَلَوْلَا امساك الرب ﵎ لَهُ بقدرته ومشيئته وحبسه المَاء لطفح على الارض وعلاها كلهَا هَذَا طبع المَاء وَهَذَا حَار عقلاء الطبيعيين فِي سَبَب بروز هَذَا الْجُزْء من الارض مَعَ اقْتِضَاء طبيعة المَاء للعلو عَلَيْهِ وَإِن يغمره وَلم يَجدوا مَا يحيلون عَلَيْهِ ذَلِك إِلَّا الِاعْتِرَاف بالعناية الازلية وَالْحكمَة الالهية الَّتِي اقْتَضَت ذَلِك الْعَيْش الْحَيَوَان الارضي فِي الارض وَهَذَا حق وَلكنه يُوجب الِاعْتِرَاف بقدرة الله وإرادته ومشيئته وَعلمه وحكمته وصفات كَمَاله وَلَا محيص عَنهُ وَفِي مُسْند الامام احْمَد عَن النَّبِي انه قَالَ مَا من يَوْم الا وَالْبَحْر يسْتَأْذن ربه ان يغرق بني آدم وَهَذَا احدالاقوال فِي قَوْله ﷿ ﴿وَالْبَحْر الْمَسْجُور﴾ انه الْمَحْبُوس حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة وَغَيره قَالُوا وَمِنْه ساجور الْكَلْب وَهِي القلادة من عود اَوْ حَدِيد الَّتِي تمسكه وَكَذَلِكَ لَوْلَا ان الله يحبس الْبَحْر ويمسكه لفاض على الارض فالارض فِي الْبَحْر كبيت فِي جملَة الارض واذا تَأَمَّلت عجائب الْبَحْر وَمَا فِيهِ من الْحَيَوَانَات على اخْتِلَاف اجناسها وأشكالها ومقاديرها ومنافعها ومضارها وألوانها حَتَّى ان فِيهَا حَيَوَانا امثال الْجبَال لَا يقوم لَهُ شَيْء وَحَتَّى ان فِيهِ من الْحَيَوَانَات مَا يرى ظُهُورهَا فيظن انها جَزِيرَة فَينزل الركاب عَلَيْهَا فتحس بالنَّار إِذا اوقدت فتتحرك فَيعلم انه حَيَوَان وَمَا من صنف من اصناف حَيَوَان الْبر إِلَّا وَفِي الْبَحْر امثاله حَتَّى الانسان وَالْفرس وَالْبَعِير واصنافها وَفِيه اجناس لَا يعْهَد لَهَا نَظِير فِي الْبر اصلا هَذَا مَعَ مَا فِيهِ من الْجَوَاهِر واللؤلؤ والمرجان فترى اللؤلؤة كَيفَ اودعت فِي كن كالبيت لَهَا وَهِي الصدفة تكنها وتحفظها وَمِنْه اللُّؤْلُؤ الْمكنون وَهُوَ الَّذِي فِي صدفه لم تمسه الايدي وَتَأمل كَيفَ نبت المرجان فِي قَعْره فِي الصَّخْرَة الصماء تَحت المَاء على هَيْئَة الشّجر هَذَا مَعَ مَا فِيهِ من العنبر واصناف النفائش

1 / 204