Midhanat Jamic Abyad
مئذنة الجامع الأبيض في الرملة
Nau'ikan
مقدمة
أنشأت هذه المقالة - أو قل: جمعتها ولففتها - صيف سنة 1342ه/1923م في بيت المقدس عندما كنت محاسبا عاما في المجلس الإسلامي الأعلى إثر اتفاق كاد يتم بين إدارة الأوقاف الإسلامية وبين دار الآثار الفلسطينية على رم مئذنة الجامع الأبيض في الرملة؛ لادعاء الثانية أنها من الأبراج التي خلفها الصليبيون في الأرض المقدسة؛ فهي من هذه الناحية من الآثار القديمة التي ترى الحكومة من واجبها العناية بعمارتها والقيام على محافظتها؛ وذلك لجهل إدارة الأوقاف حقيقة هذه المئذنة الإسلامية البديعة الصنع، وإهمالها الاحتفاظ بها وبجامعها الأبيض الذي أصبح من الطلول الدوارس.
بيد أن دار الآثار لما اعتقدت فساد ظنها بعد ما علمته من أمر المئذنة تخلت عن الاشتراك بالعمارة، فتولتها إدارة الأوقاف بنفسها وأصلحت منها ما أفسدته أيدي الحدثان.
وقد كنت دعيت لإلقاء هذا البحث بشكل محاضرة في الجمعية الفلسطينية الشرقية في بيت المقدس
The Palestine Oriental Society ، وأعلنت ذلك في قائمة اجتماعها العشريني الذي عقدته في 9 ربيع الثاني 1343ه و6 تشرين الثاني «نوفمبر» 1924، إلا أن اضطراري لمغادرة بيت المقدس إلى حيفا قبل الأجل المضروب حال دون ذلك، واكتفت الجمعية بالتنويه بالمبحث وتلخيصه بكلمات قليلة ألقاها أحد أعضائها.
ولا بد أن تستوقف تسميتنا مسجد الرملة بالجامع الأبيض بعض القراء من العلماء؛ لأن هذه التسمية لم تكن جارية في صدر الإسلام، بل كانوا إذ ذاك يقتصرون على اسم المسجد، ثم صاروا بعده يقولون للمسجد الذي تقام فيه صلوات الجماعة مسجد الجامع والمسجد الجامع، أي مسجد اليوم الجامع والظاهر، ثم إنهم أخذوا بالاختصار، فصاروا يطلقون اسم الجامع على المسجد كما رأيناه في رواية المقدسي عن الجامع الأبيض وجامع دمشق وغيرهما. ولا تزال العامة تتبع هذه التسمية، إلا أن الفصيح هو المسجد، والمسجد على ما حرره علماء اللغة هو بيت الصلاة؛ بنوه على السجود لله تعالى بهيئة مخصوصة، والسجود لغة الخضوع والتطامن والذل، ويقال للانتصاب في لغة طيء سجودا، وسجد البعير خفض رأسه عند ركوبه، وسجد الرجل وضع جبهته بالأرض، وقد استشهد الجوهري صاحب كتاب «تاج اللغة وصحاح العربية» على أن السجود هو الخضوع ببيت لزيد الخيل يصف جيشا:
بجمع تضل البلق في حجراته
ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
وآخر لحميد بن ثور يصف النساء:
فضول أزمتها أسجدت
Shafi da ba'a sani ba