226

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Nau'ikan

فأجاب بأجوبة منها أنه يفر من الآذان لئلا يشهد به للمؤذن, إذ لا يسمعه شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال بعض الشيوخ كأنه من فرط حسده يروغ عن الشهادة له وإن علم أنه مستغن عنها, كما ترى الحسود يتلكأ في الشهادة لمن حسده بفضيلة أو حق, وإن كان في غنى عن شهادته لقيام غيره بها. ولكن هذا الجواب يرد عليه مثل السؤال الأول وهو لم خص الآذان بشهادة كل شيء سمعه دون الصلاة, فكأنه لم خص الآذان بفرار الشيطان منه, فقال لأنه خص بشهادة الأشياء له. ومنها أن الآذان بمثابة دعاء الملك بخاصته لحضور سر, وإذا دعا الداعي تميزت خاصة الملك لك م غيرهم. قال بعض الشيوخ وهذا جواب غير محصل, فإن التمييز إنما يكونن عد حضور السر, فكان فرار الشيطان من الصلاة أنسب لهذا المعنى, إذ هي السر الذي دعا إلى حضوره. وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم مناجاة فقال إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه. ومنها أنه يفر من الآذان ويرسل على المصلي ليقع اختبار المخلص من غيره. قال بعض

[179/1] الشيوخ وهذا قاصر جدا, على أنه لم يرد على ما في الحديث من تسلطه في الصلاة وعدم تسلطه في الآذان ولم يجب عن السؤال بشيء. وهذه الأجوبة على وهيها أمثل ما حكي عنه.

وأجاب غيره بأنه يمكن أن يقال إن طاعة الله بالجملة محاربة للشيطان وجهاد له, والعدو إنما يفر عند كشف الغطا وبلوغ الغاية في المجاهدة بالعدواة, وليس في العبادات أبلغ في هذا المعنى من الآذان انتهى.

وعرض هذا الجواب على الشيخ الفقيه الصالح أبي محمد عبد الله بن السيد بمدينة طرابلس فاستحسنه وقال: إن هذا يؤكده قوله صلى الله عليه وسلم: ساعتان تفتح لهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته, حضرة النداء للصلاة والصف في سبيل الله, يعني أنهما ساعتا جهاد.

Shafi 226