ومن ذلك قصة أبي بكر الصديق في دعوة عثمان بن عفان ﵄ فيما ذكره ابن عساكر عندما تكهنت له خالته سعدى بنت كريز فبشرته بزواجه من ابنة محمد بن عبدالله النبي الذي يأتيه التنزيل من ربه، يقول عثمان: فوقع كلامها في قلبي وكان لي مجلس عند أبي بكر فأتيته فرآني مفكرًا فسألني فأخبرته بما سمعت من خالتي، فقال: ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومنا أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع، قلت: بلى والله إنها كذلك، فقال: والله صدقتك خالتك، هذا رسول الله ﷺ محمد بن عبد الله قد بعثه الله تعالى برسالته إلى خلقه، قال: فوالله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أسلمت (^١). فطريقة أبي بكر الصديق ﵁ في عرض الإسلام على عثمان بن عفان ﵁ وما فيها من الإصابة في القول كانت داعيًا لقبوله، وذلك بما ذكره من وصف عبادة قومه، وما فيها من ضلال، وبعد أن استشف قبول عثمان لرأيه عرض عليه دعوة الرسول ﷺ، فعدم عرض الدعوة في البداية عليه فيها من الحكمة ما جعله يعرف مدى قبوله لها من عدمه، كما أن في طريقة أبي بكر الصديق ﵁ من الموعظة الحسنة واستمالة المدعو ما جعله يستحضر جميع أفكاره في تلك اللحظة التي أعلن فيها إسلامه.