Memoirs of a Witness to the Century
مذكرات شاهد للقرن
Bincike
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
Inda aka buga
دمشق - سورية
Nau'ikan
شأن المدرسة كشأن جميع المعاهد، فقد كانت العودة من عطلة الفصح تعني نقطة فاصلة في السنة الدراسية يبدأ عندها الاستعداد للامتحانات القريبة. والقليل الذين بقوا أمناء على عادتهم في التردد على مقهى (بوعربيط) وأنا منهم، انقطعوا هذه الفترة عن ارتياده، ولم يعد أكثر الطلبة بقادرين على لعب الدومينو على حصر المقاهي التي استبدلوها بمقهى بوعربيط.
والنسق من الطلبة الذي يقف ظهر كل يوم أمام مطعم (بوكاميه) لم يعد طويلًا كالسابق، فالطلبة لم يعد لديهم الوقت للانتظار من أجل الحصول على المقعد اللماع في المطعم لكثرة ما عليه من الشحم. وفي المساء لم يكن على الشاوش أن ينتظر المتأخرين فالجميع يأوون باكرًا.
وعندما تطفأ الأنوار في الساعة المعتادة دون أي رحمة كان المارة يرون عند منحدر (شارع بريغو)، أنوارًا حمراء تشع عبر زجاج النوافذ في الطوابق الثلاثة لجناح المنامة، فكل طالب أشعل قنديله أو مصباحه ليتسنى له مذاكرة دروسه. فكنت ترى الأوراق الصفراء التي تضم مؤلفات قواعد اللغة العربية والفقه تعلو الأنوف، إذ من عادة هؤلاء أن يقرؤوا وهم مستلقون في الفراش كأنهم نيام.
ومتى حل موعد الامتحان تجد الجميع وقد علت الصفرة وجوههم، وشابهم الهزال وطالت شعورهم وتشعثت وكثفت لحاهم وتجعدت ياقات قمصانهم واتسخت، فلم يكن أحد منهم يجد متسعًا من الوقت لغسل قميصه في مغسلة الجناح، أو ليمرّ على الحلاق يقص شعره أو يذهب إلى الحمام ليستحم، ولم يكن بالطبع بقادر على مسح حذائه أو رفو جواربه.
وذات صباح وقف السيد (دورنون Dournon) في باحة المدرسة يقرأ أسماء أولئك الطلبة، الذين تحولوا إلى كتل من اللحم كريهة الرائحة لزجة الملمس، لكثرة ما تجمع عليها من عرق كان يتصبب في ليالي الدراسة الطويلة، ملفوفة
1 / 75