296

Memoirs of a Witness to the Century

مذكرات شاهد للقرن

Editsa

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Bugun

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Inda aka buga

دمشق - سورية

Nau'ikan

ولكن الظروف المادية القاسية ومزاجه الخاص، لم تتركا أبدًا (علي بن أحمد) يستقر في مشروع، فاختفى (صوت الشعب) بعد عددين أو ثلاثة.
وهكذا فوجئت، أثناء عودتي الأخيرة من الجزائر، بوجوده في القطار الذي أخذته من مرسيليا، فقال لي:
- إنني أذهب إلى باريس لأواصل دراستي.
إنها لرياح ذلك الزمن، الرياح التي كانت تصرف إلى باريس كل جزائري تخفق أحلامه وتفشل مشاريعه في بلادي.
فوجئت بشيء آخر، عندما علمت منه أن خطابي لم يصله، كما لم يصل إلى (بن عبد الله) في السنة السابقة، خطابي عن المعهد العربي المزمع إنشاؤه بإسبانيا.
ولا شك أن هذه الخطابات أخدت طريقها إلى ملف ذلك السمك المفترس الصغير، من نوع (البروشية) الذي استمر في وثباته وتقلباته دون أن يشعر أن الشبكة تُلقى عليه أكثر فأكثر كل يوم.
وعلى أية حال أضاف (علي بن أحمد) عنصرًا جديدًا، للجمع الجزائري الذي يسرح في الحي اللاتيني دون وجهة ولا توجيه، ولكنه كان العنصر الممتلئ حيوية وجرأة، يملأ رعبًا تلك المستنقعات التي يرتع فيها ذلك السمك الهزيل الصغير الحقير، الذي يهيئه الاستعمار لبعض طبخه الخاص.
وكان الحي اللاتيني في تلك الفترة من جانبه الجزائري، المستنقع الذي تتكون فيه الحشرات التي سيجرها التيار الجارف الذي انطلق من قاعة (بوهليبي)، حيث كانت الحشود من العمال الجزائريين تزدحم من أجل الاستماع إلى (مصالي حاج) والهتاف له.

1 / 301