153

Meeting at the Open Door

لقاء الباب المفتوح

Nau'ikan

حكم استخدام الموسيقي في الجيش يتحرج كثير من الطلبة العسكريين الذين منَّ الله عليهم بالالتزام من سماع الموسيقى -أعني: موسيقى المشاة- فكيف يتصرفون؛ حيث أن الموسيقى إجبارية؟! لا شك أن الموسيقى في الجيش وغير الجيش من البلاء الذي أصيب به الناس اليوم، وصار جزءًا من أعمالهم في بعض الجهات، وهذا لا شك أنه جهلٌ بالشريعة، أو تهاونٌ، أو تقليدٌ لبعض مَن أجاز ذلك من أهل العلم؛ لأن مِن العلماء مَن أجاز المعازف بِحجة أن حديثها الذي في صحيح البخاري فيه انقطاع -كما يزعمون- ومن هؤلاء: ابن حزم، وبعض العلماء المعاصرين، فربما يعتمد بعض الناس على مثل هذه الأقوال الضعيفة، ويرى أن لنفسه حجة في هذا. لكننا نرى أن المعازف حرام سواء في الجيش أو في غير الجيش، وأنه يجب على المسلمين أن يستغنوا بما أحل الله لهم عما حرم الله عليهم، وليست الشجاعة ولا الإقدام مبنية على هذه أبدًا، الذي يملأ القلوب شجاعة وإقدامًا هو ذكر الله ﷿، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال:٤٥]، هذا هو الذي يملأ القلوب شجاعة وإقدامًا. لكن على كل حال: هؤلاء الإخوة الذين يكرهون الموسيقى أو العزف هم مأجورون على كراهتهم، ومثابون عند الله، فإن قدروا على إزالتها أو تخفيفها فهذا هو المطلوب، وإن لم يقدروا فلا تُتْرك المصالح العظيمة في الالتحاق بالجيش من أجل هذه المفسدة اليسيرة بالنسبة للمصالح؛ لأن الإنسان ينبغي له أن يقارن بين المصالح والمفاسد، وأهل الخير إذا تركوا مثل هذه الأعمال من أجل هذه المعصية بقيت لأهل الشر، وتعرفون خطورة الجيش فيما لو لم يُوَفَّق لأناسٍ من أهل الخير، ولا أحب أن أعيِّن بضرب الأمثلة، لَمَّا استولى أهلُ الشر والفساد على الجيوش ووصلوا إلى سدة الحكم، ماذا كان؟! كان من الشر والفساد ما الله به عليم. فأنا أحث إخواني الملتزمين خاصة بأن يلتحقوا بالجيش، وأن يستعينوا بالله ﷿ في إصلاح ما أمكنهم إصلاحه، وهذه المفسدة -أعني: مفسدة الموسيقى أو العزف- مفسدة لا شك فيها عندي، وإن كان فيها اختلاف أشرتُ إليه قبل قليل؛ لكني أقول: هذه المفسدة تنغمر بجانب المصالح العظيمة الكبيرة في أن يتولى قيادة الجيش أناس من أهل الدين والصلاح.

3 / 40