القسم الدراسي
دراسة حياة المصنف
...
مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة
تأليف: حسين بن محمد المحلي الشافعي
القسم الدراسي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبين أيدينا أحد المختصرات الفقهية، جمع فيه مصنفه أهم مسائل الفقه الخاصة بالعبادات، وقارن بين تلك المسائل بذكر أقوال الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة، فأحببت أن أسهم بهذا الجهد المتواضع لإخراج هذا الكتاب للقارئ الكريم.
أسأل الله تعالى أن يكون عملي خالصا لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 / 3
أولا: دراسة حياة المصنف
أولا: مصادر ترجمته:
وردت ترجمة المصنف في المصادر الآتية:
*عجائب الآثار في التراجم والأخبار (١/٢١٩-٢٢٠)
*الخطط التوفيقية الجديدة (١٥/٣٠)
*إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون (١/١٠٨، ١٦٣) (٢/٣٥٤، ٣٥٧، ٣٦٥، ٥٧١، ٦٤٣) .
*هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين (١/٣٢٦) .
*معجم المطبوعات العربية (١٦٢٤-١٦٢٥) .
*الأعلام (٢/٢٥٧) .
*معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
1 / 5
ثانيا: اسمه ونسبه:
هو: حسين بن محمد المحلي الشافعي.
فحسين اسمه، وهو ما اتفقت عليه جل المصادر (١)، إلا أنه قد ورد في بعضها أن اسمه (الحسين) بزيادة أداة التعريف (٢) .
ومحمد اسم والده.
والمحلّي: نسبة إلى مكان ولادته، حيث ولد في مدينة (المحلة الكبرى) وهي إحدى مدن مصر الكبيرة، وتشتهر بصناعة الأقمشة والمنسوجات القطنية (٣) .
وتقع هذه المدينة على طريق القاهرة - الإسكندرية - الزراعي، ويبعد عن القاهرة حوالي مائة وعشرين كيلا إلى الشمال منها.
والشافعي: نسبة إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي، صاحب المذهب المعروف، والذي تنسب إليه الشافعية كافة.
والمصنف واحد منهم، وقد ذكر ذلك من خلال تدوينه لكتابه هذا، حيث قال في (باب الأواني) من (كتاب الطهارة) في حكم اتخاذ أواني الذهب والفضة، قال: وهو الأصح من مذهب إمامنا الشافعي (٤)، وأورد مثل هذا في أثناء الكتاب كثيرا.
_________
(١) عجائب الآثار (١/٢١٩)، الخطط التوفيقية (١٥/٣٠)، معجم المطبوعات (١٦٢٤)، الأعلام (٢/٢٥٧) .
(٢) هدية العارفين (١/٣٢٦)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(٤) انظر صفحة ٣٩ من هذا الكتاب.
1 / 6
ثالثا: ولادته:
لقد خلت جميع المصادر التي ترجمت له من ذكر تاريخ ولادته، وإنما ذكر بعضها مكان ولادته فقط (١) وهو (المحلة الكبرى) إحدى مدن مصر كما تقدم ذلك قبل قليل.
رابعا: شيوخه وتلاميذه:
لم تشر أي من المصادر التي ترجمت للمصنف إلى ذكر أحد من شيوخه، وقد قمت بعملية استقراء وتتبع لتراجم العلماء المشهورين في القرن الحادي عشر ممن هم مظنة لبث العلم ونشره عسى أن أجد من أشار إليه، أو ذكر أنه تتلمذ عليه، ولكنني لم أعثر على شيء من ذلك لا من قريب ولا من بعيد.
أما تلاميذه، فقد ذكر الجبرتي في كتابه عجائب الآثار (٢) أن كثيرا من معاصرية قد تتلمذوا عليه، فقال:
تلقى عنه كثير من أشياخ العصر ...
إلا أنه من خلال تتبعي لتراجم من عاصروه، ومن كانت وفاتهم بعده، لم أجد له تلميذا واحدا، سوى من ذكره الجبرتي، حيث أشار إلى أحد تلاميذه وهو: الشيخ محمد الشافعي الجناحي المالكي (٣) ولم أقف على ترجمة له فيما اطلعت عليه من مصادر.
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن إقبال طلاب العلم عليه لم يكن جيدا، وذلك إذا عرفنا أن المصنف - رحمه الله تعالى - كان شحيحا في بذل العلم وإيصاله إلى الآخرين، من خلال عدم سماحه لأحد بالإطلاع على مصنفاته وكتاباته، وعدم تعليمه لأحد جاء يسأله عن مسألة علمية إلا بعد مساومة حادة معه، ودفع الأموال مقابل ذلك.
_________
(١) الخطط التوفيقية (١٥/٣٠) .
(٢) عجائب الآثار (١/٢١٩)
(٣) المصدر السابق (١/٢٢٠)
1 / 7
يقول الجبرتي عن سيرة المصنف (١):
وكان يكتب تآليف بخطه، ويبيعها لمن يرغب فيها، ويأخذ من الطالبين أجرة على تعليمهم، فإذا جاء من يريد التعلم، وطلب أن يقرأ عليه الكتاب الفلاني، تعزز عليه، وتمنّع، ويساومه على ذلك بعد جهد عظيم، ويقول: أنا لا أبذل العلم رخيصا.
فلعل صفة البخل هذه في بذل العلم التي كان يتصف بها المصنف - رحمه الله تعالى - هي السبب في نفور طلبة العلم عنه، وعدم إقبالهم عليه، والتصاقهم به، وملازمتهم له، كما هو دأب طلبة العلم مع شيوخهم.
خامسا: شخصيته العلمية:
لقد أثنى المترجمون على المصنف، وأبرزوا مكانته العلمية، وأشاروا إلى أنه كان واحدا من العلماء المرموقين البارزين، وخاصة في علوم الفقه والأصول والفرائض والحساب.
فقالوا عنه (٢): الإمام العلامة، الفريد الفقيه، الفرضي الحيسوبي، ... كان وحيد دهره، وفريد عصره، فقها وأصولا، ومعقولا، جيد الاستحضار والحفظ للفروع الفقهية، وأما علم الحساب الهوائي، والغباري، والفرائض، وشباك ابن الهائم، والجبر والمقابلة، والمساحة، وحل الأعداد، فكان بحرا لا تشبهه البحار، ولا يدرك له قرار.
سادسا: مصنفاته:
يعتبر المحلي واحدا من المشتغلين في التأليف والمكثرين من التصنيف، وخاصة فيما يتعلق بعلم الفرائض والحساب، من خلال تتبعي لفهارس المكتبات والمخطوطات بحثا عن مؤلفاته، تبين لي أن معظم مؤلفاته موجودة محفوظة، وسأذكر فيما يلي أسماء مصنفاته، ونبذة موجزة عن كل منها، مع الإشارة إلى المطبوع منها والمخطوط، وإليك بيانها مرتبة على الحروف:
_________
(١) عجائب الآثار (١/٢١٩) .
(٢) عجائب الآثار (١/٢١٩)، معجم المطبوعات (١٦٢٤-١٦٢٥) .
1 / 8
(١) إغاثة الملهوف إلى مسألة الملفوف
وهو رسالة صغيرة تتضمن شرحا له على منظومة له وهي في خمس ورقات، محفوظة بالمكتبة الأزهرية بمصر، تحت رقم [٥٠٤/٤٢٤١٣] (١)
(٢) الإفصاح عن عقد النكاح (٢):
وهو كتاب ذكر فيه الأحكام المتعلقة بالنكاح خاصة، على المذاهب الأربعة، والذي يبدو لي أن هذا الكتاب قد حقق، فقد اطلعت على بيان بالرسائل الجامعية المسجلة في كلية الشريعة بجامعة الأزهر، حيث ورد ذكر هذا الكتاب، وأنه مسجل باسم أحد الطلاب الباحثين، لينال به درجة الماجستير، وذلك عام (١٩٧٨م) .
(٣) شرح القلصادي (٣):
هذا ورد نسبة مؤلف بهذا العنوان للمصنف، وترجح لدي ثبوت هذه النسبة، وذلك لأن القلصادي هذا - واسمه علي بن محمد بن علي القرشي القلصادي المالكي المتوفى سنة (٨٩١هـ) (٤) - أحد البارزين في علم الحساب والجبر والفرائض، وله الكثير من المصنفات في هذا (٥)، والمصنف واحد ممن اشتهروا في هذا العلوم.
(٤) فتح رب البرية على متن السخاوية (٦):
وهو كتاب شرح فيه أحد المتون الخاصة ببعض المسائل الحسابية والهندسية، وقد طبع هذا الكتاب بمصر سنة (١٣١٠هـ) بهامش كتاب (روضة الحساب في علم الحساب) لأحمد خطيب الجاوي (٧) .
_________
(١) فهرس الأزهرية (٢/٦٥٨) .
(٢) إيضاح المكنون (١/١٠٨)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(٣) عجائب الآثار (١/٢١٩)، هداية العارفين (١/٣٢٦) .
(٤) الأعلام (٥/١٠) .
(٥) المصدر السابق، وهدية العارفين (١/٧٣٨) .
(٦) إيضاح المكنون (١/١٦٣)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، عجائب الآثار (١/٢١٩)، الأعلام (٢/٢٥٧)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(٧) معجم المطبوعات العربية (١٦٢) .
1 / 9
(٥) كتاب حافل في الفروع الفقهية على مذهب الإمام الشافعي (١) .
ولم يذكر اسمه، وهو كتاب ضخم في مجلدين، معتبر مشهور، معتمد الأقوال في الإفتاء، كذا قال الجبرتي (٢) .
(٦) كشف الأستار عن مسألة الإقرار (٣):
وهو شرح على مسألة الإقرار المشهورة بمسألة الإمام الحوفي، ويقع هذا الشرح في ثماني ورقات، وهو محفوظ بالمكتبة الأزهرية تحت رقم (٦١٤/٤٨٨٢٨) (٤) .
(٧) كشف الأستار عن نزهة الغبار (٥):
وهو كتاب شرح فيه المصنف رسالة (نزهة النظار في علم الغبار) (٦)، في علم الحساب لمؤلفها: أحمد بن محمد ابن الهائم، المتوفى سنة (٨١٥هـ) (٧) .
ويقع هذا الكتاب في (١٢٢) ورقة، في المكتبة الأزهرية، بالقاهرة (٨) .
(٨) الكشف التام عن إرث ذوي الأرحام (٩):
وهي رسالة بيّن المصنف فيها كيفية توريث ذوي الأرحام، وأصنافهم، وقد أشار الزركلي إلى أنها مطبوعة (١٠) .
_________
(١) عجائب الآثار (١/٢٢٠) هدية العارفين (١/٣٢٦) معجم المطبوعات (١٦٢٥) .
(٢) عجائب الآثار. الصفحة السابقة.
(٣) إيضاح المكنون (١/٢٥٤)، هدية العرفين (١/٣٢٦)، الأعلام (٢/٢٥٧) .
(٤) فهرس الأزهرية (٢/٧١٢) .
(٥) إيضاح المكنون (٢/٣٥٤)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(٦) إيضاح المكنون (٢/٦٤٣)، الأعلام (١/٢٢٦) .
(٧) الأعلام. الصفحة السابقة.
(٨) فهرس الأزهرية (٦/١٥٣) .
(٩) إيضاح المكنون (٢/٣٥٧)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، الأعلام (٢/٣٥٧)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(١٠) الأعلام (٢/٣٥٧) .
1 / 10
ولها عشر نسخ خطية في المكتبة الأزهرية (١)، كما اطلعت على عدة نسخ خطية منها في مركز الملك فيصل للأبحاث بالرياض.
(٩) كشف اللثام عن أسئلة الأنام (٢):
وهو كتاب يشتمل على فتاوى للمصنف في جميع أبواب الفقه، ويسمى بالفروع الفقهية للمحلي (٣)، والكتاب مخطوط، ومحفوظ في المكتبة الأزهرية، وله عشر نسخ خطية فيها، منها واحدة تقع في (٧٦٣) ورقة (٤) .
(١٠) مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة:
وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
(١١) منتهى الإيرادات لجدول المناسخات (٥) .
وهو كتاب شرح فيه المصنف أحد مؤلفات ابن الهائم في الفرائض، وهو مخطوط ومحفوظ بالمكتبة الأزهرية، وله ثلاث نسخ خطية فيها، واحدة منها تقع في (١٣٦) ورقة (٦) .
_________
(١) فهرس الأزهرية (٢/٧١٣) .
(٢) إيضاح المكنون (٢/٣٦٥)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، الأعلام (٢/٣٥٧) .
(٣) انظر: هدية العارفين، الصفحة السابقة.
(٤) فهرس الأزهرية (٢/٥٩٨) .
(٥) إيضاح المكنون (٢/٥٧١)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، الأعلام (٢/٢٥٧)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
(٦) فهرس الأزهرية (٢/٧١٨) .
1 / 11
سابعا: وفاته:
توفي المصنف - رحمه الله تعالى - بمصر سنة (١١٧٠هـ)، وقد أجمعت المصادر التي ترجمت له على تاريخ وفاته هذا، إلا أنها لم تشر إلى اليوم أو الشهر الذي توفي فيه (١) .
_________
(١) عجائب الآثار (١/٢١٩)، إيضاح المكنون (١/١٠٨)، هدية العارفين (١/٣٢٦)، الأعلام (٢/٢٥٧)، معجم المؤلفين (٤/٥٧) .
1 / 12
ثانيا: دراسة الكتاب
أولا: نسبة الكتاب إلى المصنف:
كتاب (مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة) الذي بين أيدينا، هو واحد من مؤلفات المصنف: حسين بن محمد المحلي الشافعي، ونسبته إليه ثابتة ثبوتا أكيدا دون أدنى شك أو احتمال.
فقد نسبه إليه أكثر من واحد ممن كتبوا عن حياته، وترجموا له، فقد وردت نسبة الكتاب إليه في المصادر التالية:
إيضاح المكنون (٢/٤٧١) .
هدية العارفين (١/٣٢٦) .
الأعلام (٢/٢٥٧) .
ثانيا: موضوع الكتاب:
أشار المصنف في مقدمة كتابه هذا أنه قد ألفه بناء على طلب بعض تلاميذه في أن يجمع أقوال العلماء في ربع العبادات على المذاهب الأربعة، حيث قال:
فقد سألني بعض الأحباب، وفقه الله للصواب، وحماه من الزيغ والارتياب، أن أجمع له ربع العبادات في هذا الكتاب على المذاهب الأربعة حسب الأبواب، فأجبته لذلك مستعينا بالله القادر المالك، وسميته بـ (مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة) .
وقد رتب المصنف كتابه هذا على خمسة أبواب، جاءت كما يلي:
الباب الأول
كتاب الطهارة
وقد تحدث في بدايته عن أحكام المياه، وما يتعلق بها، ثم ذكر الأبواب التالية:
باب الأواني.
باب السواك.
باب النجاسة.
باب الاستنجاء.
باب الوضوء.
باب نواقض الوضوء.
1 / 14
فصل: في مس المصحف وحمله.
باب التيمم.
باب المسح على الخفين.
باب الغسل.
باب الحيض.
الباب الثاني
كتاب الصلاة
وقد أشار في أوله إلى أهمية الصلاة، وحكم تاركها، وتحدث عن أحكام الأذان والإقامة، وما يتعلق بهما.
ثم أعقب ذلك بذكر (فصل): في الأوقات.
وتلا ذلك بيان أحكام الصلاة، وأركانها، وما يتعلق بذلك.
ثم جاء بعده (فصل): في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.
وأردف ذلك بذكر الأبواب التالية:
باب صلاة الجماعة.
باب صلاة المسافر.
باب الجمعة.
باب صلاة العيد.
باب صلاة الكسوف.
باب الاستسقاء.
باب الجنائز.
الباب الثالث
كتاب الزكاة
وقد بين المصنف في مقدمته أحكام الزكاة، وفرضيتها، والأصناف الواجبة فيها، ومقدار كل، ثم أعقب ذلك بذكر الأبواب التالية:
1 / 15
باب زكاة الماشية.
باب زكاة الزروع.
باب زكاة الذهب والفضة.
باب زكاة التجارة.
باب زكاة الفطر.
فصل: في مصارف الزكاة.
الباب الرابع
كتاب الصيام
وقد ذكر في بدايته حكم الصيام، وعلى من يجب، وأحكام الرؤية وما يتعلق بها، وأحكام الإفطار، وما يتعلق بالقضاء، وكل ما يتصل بالصيام من أحكام، وختمه بذكر (فصل) في الاعتكاف وأحكامه.
الباب الخامس
كتاب الحج والعمرة
بين المصنف في أول هذا الكتاب حكم الحج والعمرة، وما يتعلق بأحكام الإحرام وأقسامه وأفضل تلك الأقسام.
ثم أردف ذلك بذكر الفصول الآتية:
(فصل): في المواقيت.
(فصل): في محظورات الإحرام
(فصل): في دخول مكة المكرمة.
(فصل): في أفعال يوم النحر.
(فصل): في طواف الإفاضة.
1 / 16
وقد بين المصنف في تلك الأبواب أقوال الأئمة الأربعة، أصحاب المذاهب المعروفة في أهم المسائل من كل باب، حيث يذكر ما اتفقوا عليه أولا إن وجد ذلك، ثم يتبع ذلك بذكر أقوالهم في المسائل التي اختلفوا فيها ويشير إلى الروايات عن كل واحد منهم إن كان هناك روايتان أو أكثر، ويشير أحيانا إلى الأصح من تلك الروايات.
كما يذكر أحيانا أقوال فقهاء الصحابة والتابعين، والمجتهدين من كل مذهب في المسائل التي خالفوا فيها أئمتهم.
وقد ذكر المصنف جميع المسائل في هذه الأبواب مجردة عن الأدلة إذ لم يذكر دليلا واحد لمسألة ما.
ويلاحظ عليه أنه يخطىء في بعض الأحيان في نسبة القول إلى قائله، بحيث يعكس الأقوال، أو يشير إلى أن هذا هو الأصح، والواقع عكسه، وقد صححت ذلك كله، وأشرت إليه، ونبهت على ما وقع فيه من أخطاء في نسبة الأقوال إلى الأئمة الأربعة.
ثالثا: وصف النسختين المعتمدتين في التحقيق:
لقد وقع نظري بادئ ذي بدء على هذا الكتاب أثناء زيارتي لقسم المخطوطات بجامعة الملك سعود بالرياض، وفي أثناء استعراضي للفهارس الخاصة بالمخطوطات عثرت على عنوان هذا الكتاب (مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة)، لمؤلفه حسين بن محمد المحلي الشافعي، فطلبت إخراج الكتاب، واطلعت على نسخته الخطية وقرأتها، فإذا هي واضحة تماما وقد كتبت بخط نسخ جميل، فعقدت العزم على تحقيقها.
ومن ثم اجتهدت في البحث عن نسخ أخرى للكتاب، وبعون من الله وتوفيق، وفي أثناء إحدى قراءاتي في فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية بالقاهرة، وقع نظري على اسم الكتاب واسم مؤلفه، مدونا بالقسم الخاص بالفقه الشافعي، فدونت رقم تسجيلها هنالك، وبعثت طالبا تصويرها، فتم ذلك ولله الحمد، وحصلت على نسخة أخرى للكتاب، وإليك وصفا شاملا للنسختين المذكورتين:
1 / 17
أولا: نسخة دار الكتب المصرية:
هذه النسخة هي إحدى المخطوطات المحفوظة في دار الكتب المصرية تحت رقم ٢٩٩١/فقه شافعي (١) .
وعدد أوراق هذه النسخة اثنتان وتسعون ورقة، في كل ورقة أحد عشر سطرا، في كل سطر حوالي تسع كلمات.
وقد كتبت بخط عادي لا يخلو من الأخطاء الإملائية والنحوية.
وتاريخ نسخها: في يوم الأربعاء، الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة سنة إحدى وثمانين ومائة وألف للهجرة، كما جاء ذلك مدونا في آخرها، حيث قال ناسخها: (كان الفراغ من تبييض هذه النسخة في يوم الأربعاء المبارك في شهر الحجة ٢٤ من شهور سنة ١١٨١، واحد وثمانين بعد الألف مائة، نقلت من خط المؤلف وقوبلت عليه أيضا، والله أعلم) .
وقد جعلتُ هذه النسخة هي الأصل نظرا لقرب تاريخ نسخها من وفاة المؤلف إذ أن وفاته كانت سنة ١١٧٠هـ وتاريخ نسخها ١١٨١هـ، فبينهما إحدى عشرة سنة تقريبا، ولأن هذه النسخة منقولة من نسخة المؤلف ومقابلة عليها.
ثانيا: نسخة جامعة الملك سعود:
هذه النسخة محفوظة بجامعة الملك سعود / قسم المخطوطات، تحت رقم ٩٣٧ العبادات (٢) .
وقد كتبت هذه النسخة بخط نسخ جميل وواضح، وعدد أوراقها إحدى وأربعين ورقة، في كل ورقة ثلاثة وعشرون سطرا، في كل سطر حوالي سبع كلمات.
وتاريخ نسخها هو يوم الرابع عشر من شهر رجب سنة خمس عشرة وثلاثمائة وألف هجرية، كما ورد ذلك في آخرها مقيدا بخط ناسخها، حيث قال:
_________
(١) فهرس الكتب العربية المخطوطة بالكتبخانة المصرية (٣/٢٧٤-٢٧٥) .
(٢) فهرس مخطوطات جامعة الملك سعود (١٨٦-١٨٧) (الفقه وأصوله) .
1 / 18
(وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة ١٤ رجب الفرد سنة ١٣١٥ هجرية على يد كاتبها الفقير إلى ربه الغنى، محمد عبد رب النبي، غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين. آمين) .
وقد رمزت لهذه النسخة أثناء التحقيق بالرمز (س) .
رابعا: عنوان الكتاب:
إذا دققنا النظر في عنوان الكتاب المثبت على غلاف المخطوطتين، وبين ما ذكره المصنف، أو من نسب الكتاب إليه لوجدنا اختلافا بسيطا في اسم الكتاب.
فقد ورد على غلاف نسخة دار الكتب المصرية أن اسم الكتاب [مزيد النعمة في جميع أقوال الأئمة] .
وأُثبِت على غلاف نسخة جامعة الملك سعود باسم [مزيد النعمة في جمع أقوال الأئمة] .
ولكن المصنف في مقدمة الكتاب عندما ذكر سبب تأليفه الكتاب، قال: وسميته بـ (مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة) .
وهكذا أثبته إسماعيل باشا في كتابيه (إيضاح المكنون) (١)، و(هدية العارفين) (٢) كما أثبته الزركلي بنفس الاسم الذي ذكره المصنف.
وبذلك يتبين أن صحة العنوان هو كما أورده المصنف، وما أثبته هؤلاء، لا كما ورد على غلاف المخطوطين، لذلك رأيت إثباته باسم (مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة) لأن المثبت على الغلافين - قطعا - هو خطأ من النساخ.
_________
(١) (٢/٤٧١) .
(٢) (١/٣٢٦) .
1 / 19
خامسا: منهج التحقيق
يتلخص عملي في تحقيق هذا الكتاب بالآتي:
أولا: نسخت الكتاب متبعا بذلك قواعد الإملاء والخط الحديثة.
ثانيا: إن وجد في الأصل تصحيف، أو خطأ إملائي، أو نحوي، صححته، وقد أشير في الحاشية أحيانا إلى ما صححته.
ثالثا: جعلت نسخة دار الكتب المصرية هي الأصل لقربها الشديد من تاريخ وفاة المصنف، وقابلت نسخة جامعة الملك سعود عليها، مشيرا إليها بالرمز (س)، وأشير في الحاشية إلى ما بين النسختين من فروق واختلافات.
رابعا: قد يخطئ المصنف أحيانا في نسبة القول إلى أحد الأئمة الأربعة، فأصحح ذلك الخطأ بالإشارة في الحاشية إلى القول المعتمد في المذهب.
خامسا: عزوت جميع المسائل الفقهية التي أوردها المصنف في هذا الكتاب، إلى مصادرها الأصلية، وذلك بتوثيقها من الكتب المعتمدة في كل مذهب، منبها إلى أن في المذهب روايتين أو أكثر، إن وجد ذلك، وبينت الرواية المعتمدة في المذهب.
سادسا: وضعت إشارة (*) عند بداية كل مسألة يذكرها المصنف، للتمييز بين بداية كل مسألة ومسألة.
سابعا: شرحت الألفاظ الغريبة الواردة في الكتاب، معتمدا على الكتب التي تهتم بهذا الشأن.
ثامنا: ترجمت لجميع الأعلام الذين أوردهم المصنف ترجمة مختصرة عند ذكر العلم أول مرة، ووثقت التراجم من مصادرها.
تاسعا: وضعت فهارس عامة في نهاية الكتاب، فاشتملت على الآتي:
١ - فهرس الآية القرآنية الوحيدة التي وردت في الكتاب.
٢ - فهرس لبعض الأحاديث التي ذكرتها في الحاشية.
1 / 20
٣ - فهرس للأعلام المترجم لهم، حيث حصرت جميع المسائل التي ورد فيها العلم، وأشرت إلى رقم كل صفحة مقابلة، مع ملاحظة ان ترجمة العلم موجودة في أول صفحة ورد رقمها أول مرة.
٤ - فهرس الكلمات الغريبة والمشروحة.
٥ - فهرس المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها في التحقيق، ورتبها على أنواع العلوم.
٦ - فهرس تفصيلي لجميع الأبواب والفصول والمسائل الواردة في الكتاب.
هذا ما أردت الإشارة إليه، وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وأن يرزقني حسن النية، والاستقامة في العمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه
عبد الكريم بن صنيتان العمري
المدينة المنورة
1 / 21
القسم التحقيق
كتاب الطهارة
...
القسم التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرم هذه الأمة باختلاف الأئمة ١ وجعله سبيلا لنجاتهم وهدى ورحمة، فمن اقتدى بهم نجا، ومن خالف باء بالنقمة، أحمده حمدا يكون لنا في الدارين نعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو رب العظمة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحكمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المخرجين لنا من الظلمة. ٢
أما بعد: فقد سألني بعض الأحباب وفقه الله للصواب، وحماه من الزيغ والارتياب، أن أجمع له ربع العبادات في هذا الكتاب، على المذاهب الأربعة بحسب الأبواب، فأجبته لذلك، مستعينا بالله القادر المالك، وسميته بمزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة.
والله أسأل أن ينفع به من تلقاه بالإنصاف، وعفى عن عثرات الأقلام بلا اعتساف فقل أن ينجو ٣ مؤلف من عثرات ٤، ويخلص مصنف من هفوات، وإن الإنسان محل النسيان، لا سيما في هذا الزمان، وإني معترف بالعجز والتقصير، وعدم العلم باليسير، فضلا عن / ٥ الكثير، فإن تُلقي هذا
_________
١ مراد المصنف ﵀ الاختلاف في الفروع، وقد وقع بين العلماء خلاف كبير في كون اختلاف الأئمة رحمة، وقد بين العلامة الشيخ محمد رشيد رضا هذه المسألة بيانا شافيا في مقدمة كتاب المغني لابن قدامة، فليراجع.
٢ أي أن الصحابة أخرج الله تعالى بهم الناس من الظلام إلى نور الإسلام، وذلك بملازمتهم للنبي ﷺ، ومرافقتهم له، ونقلهم لمن بعدهم سنته، وشريعته، فوضحوها للناس واهتدوا بها، وأنارت لهم الطريق للوصول إلى الحق.
٣ في الأصل: (ينجوا) .
٤ في الأصل: (عشرات) .
٥ نهاية لـ (٢) من الأصل.
1 / 29
الكتاب بالقبول، فذلك هو المطلوب والمأمول، وإلا فكم مُصَنّف في زوايا الإهمال، وصاحبه من فحول الرجال، فكيف بحسين المحلي الحقير المعترف بالجهل والتقصير، فإن كان ناشئا عن إخلاص، نفع الله به الناس الخواص، وإن كان ناشئا عن طلب الاشتهار، فالله يجعله في احتقار، وهذا أول الشروع في المقصود، بعون الملك المعبود، فأقول:
1 / 30
(كتاب الطهارة)
*الماء المستعمل في فرض الطهارة طاهر ١ غير مطهر عند الثلاثة ٢.
وقال مالك ٣: هو مطهر ما دام باقيا على خلقته ٤.
_________
١ في الأصل: طاهرة.
٢ هذا الذي ذكره المصنف هو أشهر الروايات عن الثلاثة، وعن أبي حنيفة روايتان أخريان،
الأولى: أنه نجس نجاسة مغلظة، والثانية، أنه نجس نجاسة مخففة.
وقال الشافعي في القديم: هو طهور.
وعن أحمد روايتان أخريان الأولى: أنه طاهر مطهر، والثانية: أنه نجس.
وانظر: ملتقى الأبحر (١/٢٥)، الاختيار (١: ١٦)، الهداية للمرغيناني (١/٢٠)، المجموع (١/١٥١، ١٥٣)، مغني المحتاج (١/٢٠)، روضة الطالبين (١/٧)، المغني (١/١٩)، المحرر (١/٢)، الكافي لابن قدامة (١/٥) .
٣ مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، المدني، الإمام المشهور، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة، وهو من تابعي التابعين، أجمعت طوائف العلماء على إمامته وجلالته، وتبجيله وتوقيره، وعلو كعبه في الفقه والحديث، سأله الخليفة المنصور أن يضع كتابًا للناس يحملهم على العمل به، فصنف الموطأ، مات بالمدينة المنورة سنة (١٧٩هـ) .
ترجمته في: الديباج المذهب (١٧)، المعارف (٤٩٨)، وفيات الأعيان (٤/١٣٥)، تذكرة الحفاظ (١/٢٠٧)، طبقات الحفاظ للسيوطي (٩٦)، كشف الظنون (٢/١٩٠٧)، الأعلام (٥/٢٥٨) .
٤ المشهور من مذهب مالك أنه طاهر مطهر ولكن يكره مع وجود غيره، فإنه روي عنه أنه قال: لا خير فيه، ولا أحب لأحد أن يتوضأ به، فإن فعل وصلى لم أر عليه إعادة الصلاة، وقيل: إنه طاهر غير مطهر.
وانظر المدونة (٢/٤)، القوانين الفقهية (٢٥)، سراج السالك (١/٥٤)، الجامع للقرطبي (١٣/٤٨) .
1 / 31