Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

Ibrahim ibn Ali al-Nu'mani d. 898 AH
36

Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

Mai Buga Littafi

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Inda aka buga

https

Nau'ikan

خلف المتنفِّل من جهة أنَّ الملائكة ليسوا مكلَّفين بمثل ما كلِّف به الإنس، قال العَيني: هذا الاستدلال غير صحيح؛ لأنَّ جبريل كان مكلَّفًا بتبليغ تلك الصَّلوات ولم يكن متنفِّلًا، فتكون صلاةَ مفترضٍ خلف مفترض. وقال عياض: يحتمل ألَّا تكون تلك الصَّلاة كانت واجبة على النَّبِيِّ ﷺ حينئذ، ورُدَّ بأنها كانت صبيحة ليلة فرض الصَّلاة، واعترض عليه باحتمال أنَّ الوجوب عليه كان معلَّقًا بالبيان، فلم يتحقق الوجوب إلَّا بعد تلك الصَّلاة. وفيه جواز البنيان، ولكن ينبغي الاقتصاد فيه، ألا ترى أنَّ جدار الحجرة كان قصيرًا؟! قال الحسن: كنت أدخل في بيوت النَّبِيِّ ﷺ وأنا محتلم وأنا أسقفها بيدي. وفيه ما استدلَّ به من يرى بجواز الائتمام بمن يأتم بغيره، والجواب عنه: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كان مُبَلِّغًا فقط كما في قصَّة أبي بكر في صلاته خلف النَّبِيِّ ﷺ وصلاة النَّاس خلفه، وسيأتي مزيد الكلام فيه في أبواب الإمامة. وفيه فضيلة عُمَر بن عبد العزيز، وفيه ما قال ابن بطَّال: فيه دليل على ضعف الحديث الوارد: «أنَّ جبريلَ ﵇ أمَّ بالنَّبِيِّ ﷺ في يومَين لوقتَين مختَلفين لكُلِّ صلاةٍ» قال: لأنَّه لو كان صحيحًا لم ينكر عُرْوَة على عُمَر صلاتَه في آخر الوقت محتجًّا بصلاة جبريل، مع أنَّ جبريل قد صلَّى في اليوم الثَّاني في آخر الوقت وقال: «الوقتُ ما بينَ هَذَين» وأجيب عن هذا: بأنه يحتمل أن تكون صلاة عُمَر كانت خرجت عن وقت الاختيار، وهو مصير ظلِّ الشيء مثله، لا عن وقت الجواز وهو مغيب الشَّمس، فحينئذ يتَّجه إنكارُ عُرْوَةَ، ولا يلزم منه ضعف الحديث، أو يكون إنكار عُرْوَة لأجل مخالفة عُمَر ما واظب عليه النَّبِيُّ ﷺ وهو الصَّلاة في أوَّل الوقت، ورأى أنَّ الصَّلاة بعد ذلك إنَّما هي لبيان الجواز، فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضًا، وفي قوله: (مَا وَاظَبَ عَليْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَهوَ الصَّلاة فِي أَوَّلِ الوَقْتِ) نظر لا يخفى قاله العَيني، وقال ابن المنيِّر: قد يتعلق به من يُجَوِّز صلاة مفترض بفرض خلف مفترض بفرض آخر. قال شيخنا: كذا قال، وهو مسلَّم له في صورة المؤدَّاة مثلًا خلف المؤدَّاة، لا في صورة الظهر خلف العصر مثلًا. انتهى. وفيه قبول خبر الواحد المثبِت، واستدلَّ عياض على جواز الاحتجاج بمرسَل الثقة؛ لصنع عُرْوَة حين احتجَّ على عمر، وإنما راجعه عُمَر ليثبته فيه لا لكونه لم يرضَ به مرسَلًا، فإن قلت: ذكرُ حديث عائشة بعد ذكر حديث أبي مسعود ما وجهه؟ قال العَيني: لأن عُرْوَة احتجَّ بحديث عائشة في كونه ﵇ كان يصلِّي العصر في أوَّل الوقت، وحديث أبي مسعود يشعر بأنَّ أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل ﵇. قال العَيني: فإن قلت: ما معنى قولها: (قَبلَ أَنْ تَظهَرَ) والشمسُ ظاهرة على كلِّ شيء من أوَّل طلوعها إلى غروبها؟ قلت: إنَّها أرادت: والفيء في حجرتها قبل أن تعلو على البيوت، فكَنَّتْ بالشمس عن الفيء؛ لأن الفيء عن الشَّمس كما سُمِّي المطر سماء لأنَّه من السَّماء ينزل، ألا ترى جاء في رواية:
«لم يَظهَرِ الفَيءُ مِن حُجرَتِها»، وفي لفظ: «وَالشَّمسُ طالِعَةٌ في حُجرَتي» فافهم. قال شيخنا: زاد عبد الرزَّاق في «مصنَّفه» عن الزُّهْري في هذه القصة، قال: فلم يزل عُمَر يُعَلِّمُ الصَّلاة بعلامة حتَّى فارق الدنيا. ورواه أبو الشيخ في كتاب «المواقيت» له من طريق الوليد عن الأوزاعي عن الزُّهْري قال: ما زال عُمَر بن عبد العزير يتعلم مواقيت الصَّلاة حتَّى مات. ومن طريق إسماعيل بن حكيم: أنَّ عُمَر بن عبد العزير جعل ساعاتٍ ينقضين مع غروب الشمس. زاد من طريق ابن إِسْحاق عن الزهري: فما أخَّرها حتَّى مات. وكلُّه يدل على أنَّ عُمَر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط إلَّا بعد أن حدَّثه عُرْوَة بالحديث المذكور، والله أعلم. تنبيه: ورد في هذه القصَّة من وجه آخر عن الزُّهْري بيانُ أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح توجيه احتجاج عُرْوَة بالحديث، فروى أبو داود وغيره وصحَّحه ابن خُزَيمَة وغيره من طريق ابن وَهْب، والطَّبَراني من طريق يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أسامة بن زيد عن الزُّهْري هذا الحديث بإسناده وزاد في آخره: قال ابن مسعود: «فرأيت رسول الله ﷺ يصلِّي الظهر حين تزول الشَّمس» فذكر الحديث. وذكر أبو داود أنَّ أسامة بن زيد تفرَّد بتفسير الأوقات فيه، وأنَّ أصحاب الزُّهْري لم يذكروا ذلك. قال: وكذا رواه هشام بن عُرْوَة وحبيب بن أبي مرزوق عن عُرْوَة لم يذكرا تفسيرًا. انتهى. ورواية هشام أخرجها سعيد بن مَنْصور في «سُنَنِهِ»، وقد وجدت ما يعضد رواية أسامةَ ويزيدُ عليها أنَّ البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه البَاغَنْدي في «مسند عُمَر بن عبد العزيز» والبَيْهَقي في «السُّنَن الكبرى» من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم إنَّه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعًا، لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عُرْوَة ووضح إنَّه له أصلًا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارًا، وبذلك جزم ابن عبد البرِّ، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ. وقد روى سعيد بن مَنْصور من طريق طَلْق بن حبيب مرسلًا قال: «إن الرجلَ ليُصلِّي الصَّلاة وفاتَته، ولَمَا فاتَه من وقتِها خيرٌ له مِن أهلِه ومالِه» ورواه أيضًا عن ابن عُمَر من قوله، ويؤيِّد ذلك احتجاج عُرْوَة بحديث عائشة في كونه ﷺ كان يصلِّي العصر والشَّمس في حجرتها، وهي الصَّلاة الَّتي وَقَعَ الإنكار بسببها. انتهى. (٢) (بابُ ﴿مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ [الروم: ٣١]) أي هذا باب. فبابٌ بالتنوين خبر مبتدأ محذوف، وهكذا هو في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: بابُ قوله تعالى بالإضافة، ثمَّ الكلام في هذه الآية على أنواع: الأوَّل: أنَّ هذه الآية الكريمة من سورة الروم، وقبلها قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلْدِّيْنِ حَنِيْفًا فِطْرَتَ اللهِ﴾ [الروم: ٣٠] الآية. الثاني: في معناها وإعرابها، فقوله: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلْدِّيْنِ﴾ [الروم: ٣٠] أي قوِّم وجهك له غير ملتفتٍ يمينًا وشمالًا، قاله الزمخشري، وعن الضَّحَّاك والكلبي: أي أقم عملك. قوله: (حَنِيْفًا) أي مسلمًا، قاله الضحَّاك، وقيل:

1 / 36