Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Mai Buga Littafi
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Inda aka buga
https
Nau'ikan
المارِّ، فاستوى الإمام والمأموم والمنفرد.
رابعها: ذكر ابن دقيق العيد: أنَّ بعض الفقهاء -أي المالكيَّة- قسم أحوال المارِّ والمصلِّي في الإثم وعدمه إلى أربعة أقسام: يأثم المارُّ دون المصلِّي، وعكسه يأثمان جميعًا، وعكسه، فالصورة الأولى: أن يصلِّي إلى سترة في غير مشرع وللمارِّ منه وجهٌ، فيأثم دون المصلِّي. الثانية: أن يصلِّي في مشرع مسلوك بغير سترة، أو متباعدًا عن السترة ولا يجد المارُّ منه وجه، فيأثم المصلِّي دون المارِّ. الثالثة مثل الثانية، لكن يجد المارُّ منه وجه، فيأثمان جميعًا، الرابعة مثل الأولى، لكن لا يجد المارُّ منه وجه، فلا يأثمان جميعًا. انتهى.
وظاهر الحديث يدلُّ على منع المرور مطلقًا ولو لم يجد مسلكًا، بل يقف حتَّى يفرغ المصلِّي من صلاته، قال شيخنا: ويؤيَّده قصَّة أبي سعيد السابقة؛ فإن فيها: (فنظر الشَّابُّ فلم يجد مساغًا) وقد تقدَّمت الإشارة إلى قول إمام الحرمين: أنَّ الدفع لا يُشرع للمصلِّي في هذه الصُّورة، وتبعه الغزالي، ونازعه الرافعي، وتعقَّبه ابن الرِّفعة بما حاصله: أنَّ الشاب إنَّما استوجب من أبي سعيد الدفع لكونه قصر في التأخُّر عن الحضور إلى الصَّلاة حتَّى وَقَعَ الزحام. انتهى. وما قاله محتمل، لكن لا يدفع الاستدلال؛ لأنَّ أبا سعيد لم يعتذر بذلك؛ لأنَّه متوقف على أنَّ ذلك وَقَعَ قبل صلاة الجمعة أو فيها، مع احتمال أن ذلك وَقَعَ بعدها، فلا يتجه ما قاله من التقصير بعدم التبكير، بل كثرة الزحام حينئذ أوجه، والله أعلم.
خامسها: وَقَعَ في رواية أبي العبَّاس السرَّاج من طريق الضَّحَّاك بن عُثْمان عن أبي النَّضْر: «لو يعلم المارُّ بين يدي المصلِّي والمصلَّى»، فحمله بعضهم على ما إذا قصَّر المصلِّي في دفع المارِّ، أو بأن صلَّى في الشارع، ويحتمل أن يكون قوله: (والمُصَلَّى) -بفتح اللَّام- أي بين يدي المصلِّي من داخل سترته، وهذا أظهر، والله أعلم. انتهى.
قال العَيني: وفيه طلب العلم والإرسال لأجله، وفيه جواز الاستنابة. انتهى.
قلت: وفيه وعظ الإمام الرعيَّة، وفيه أنَّ النَّبِيَّ يختصُّ بالاطلاع على أمور تخفى على غيره، وفيه الترهيب من ارتكاب الإثم، وفيه الاهتمام بشأن الصَّلاة، وفيه الإشارة إلى ترك التشويش على المصلِّي بما يشغله عن صلاته. انتهى.
(١٠٢) (بَابُ استِقبَالِ الرَّجُل ِالرَّجُلَ وَهُوَ يُصَلِّي) أي هذا بابٌ في بيان حكم استقبال الرجلِ الرجلَ والحال إنَّه يصلِّي، يعني: هل تكره أم لا؟
والرجل الأوَّل مضافٌ إليه الاستقبالُ، والرجل الثَّاني منصوب؛ لأنَّه مفعول، وقال الكِرْماني: في بعض النسخ: «بابُ: استقبالِ الرجلِ صاحبَهُ أوْ غيرَهُ»، وفي بعضها: «استقبالُ الرجلِ وهو يصلِّي»، وفي بعضها لفظ الرجل مكرر، ولفظ (هو) يحتمل عوده إلى الرجل الثاني، فيكون الرجلان متواجهين، وإلى الأوَّل فلا يلزم التواجه. وقال شيخنا: في نسخة الصَّغاني: <استقبالُ الرجلِ صاحبَهُ أو غيرَهُ في صلاتِهِ>.
قوله: (وَكَرِهَ عُثْمَانُ) أي ابن عفَّان، أحد الخلفاء الأربعة الراشدين، ترجمته في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
قوله: (أَنْ يُسْتَقبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي) مطابقته للترجمة
ظاهرة، وقوله: (يُسْتَقبَلُ) بضمِّ الياء على صيغة المجهول، والرجلُ مرفوع لنيابته عن الفاعل، ويجوز فتح الياء على صيغة المعلوم، ولا مانع من ذلك، والكِرماني اقتصر على الوجه الأول. قوله: (وَهُوَ يُصَلِّي) جملة اسميَّة وقعت حالًا عن الرجل، قال شيخنا: ولم أر هذا الأثر عن عُثْمان إلى الآن، وإنما رأيته في «مصنَّفَي عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة» وغيرهما من طريق هلال بن يَساف عن عُمَر ﵁: إنَّه زجر عن ذلك، وفيهما أيضًا عن عُثْمان ما يدلُّ على عدم كراهية ذلك، فليتأمَّل؛ لاحتمال أن يكون فيما وَقَعَ في الأصل تصحيف من عُمَر إلى عثمان، قال العَيني: لا يلزم من عدم رؤيته هذا الأثر عن عُثْمان ألَّا يكون منقولًا عنه، فليس بسديد زَعَمَ الاحتمال الناشئ من غير دليل. فإن قلت: رواية عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة عن عُثْمان بخلاف ما ذكره البخاري عنه دليل الاحتمال، قال العَيني: لا يُسلَّم ذلك؛ لاحتمال أن يكون المنقول عنه آخرًا بخلاف ما نقل عنه أوَّلًا؛ لقيام الدَّليل عنده بذلك. انتهى. قال شيخنا: هكذا يكون التحامل؛ فإنِّي لم أنفِ وقوع نقل ذلك عن عثمان، واحتمال التصحيف لا ينكر. انتهى. قوله: (وَهَذَا إِذا اشتَغَلَ بِهِ) فأمَّا إذا لم يشتغل به فقد قال زيد بن ثابت ﵁: ما باليت أنَّ الرجل لا يقطع صلاة الرَّجل. (زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ) أي الأنصاري النَّجَّاري الفرضي الخزرجي أبو سعيد، ويقال: أبو خارجة، واسم جدِّه الضَّحَّاك، سمع زيد النَّبِيَّ ﷺ، روى عنه ابن عُمَر وأنس بن مالك وعبد الله بن يزيد الخطمي ومروان بن الحكم وبشر بن سعيد وعطاء بن يَسار وابنه خارجة بن زيد في الصَّلاة وغيرِ موضع، قال البخاري: قال علي بن المديني: مات سنة أربع أو خمس وخمسين. وقال خليفة وأبو عيسى: مات سنة خمس وأربعين. وقال الذُّهْلي: وقال أحمد بن حنبل: بلغني مات زيد بن ثابت سنة إحدى أو اثنين وخمسين، وصلَّى عليه مروان. وقدم النَّبِيُّ ﷺ وهو ابن إحدى عشرة سنة. قال صاحب «التَّوضيح» - أي ابن المُلَقِّن ـ: قوله: (هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ...) إلى آخره، من كلام البخاري، يشير به إلى أنَّ مذهبه ههنا بالتفصيل، وهو أنَّ استقبال الرجل الرجل في الصَّلاة إنَّما يكره إذا اشتغل المستقبل المصلِّي؛ لأنَّ علَّة الكراهة هي كفُّ المصلِّي عن الخشوع وحضور القلب، وأمَّا إذا لم يشغله فلا بأس به، والدليل عليه قول زيد بن ثابت: (مَا بَالَيْتُ) أي بالاستقبال المذكور، ويقال: لا أباليه أي لا أكترث له. قوله: (إِنَّ الرَّجُلَ) بكسر إنَّ؛ لأنَّه استئناف ذكر لتعليل عدم المبالاة، وروى أبو نُعَيم في «كتاب الصَّلاة» حدَّثنا مسْعَر قال: أُراني أوَّل من سمعه من القاسم قال: ضرب عُمَر ﵁ رجلين أحدهما مستقبلٌ والآخر يصلِّي، وحدَّثنا سُفْيان حدَّثنا رجل عن سعيد بن جُبَير: أنَّه كره أن يصلِّي وبين يديه مخنَّث محدث، وحدَّثنا سُفْيان
ظاهرة، وقوله: (يُسْتَقبَلُ) بضمِّ الياء على صيغة المجهول، والرجلُ مرفوع لنيابته عن الفاعل، ويجوز فتح الياء على صيغة المعلوم، ولا مانع من ذلك، والكِرماني اقتصر على الوجه الأول. قوله: (وَهُوَ يُصَلِّي) جملة اسميَّة وقعت حالًا عن الرجل، قال شيخنا: ولم أر هذا الأثر عن عُثْمان إلى الآن، وإنما رأيته في «مصنَّفَي عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة» وغيرهما من طريق هلال بن يَساف عن عُمَر ﵁: إنَّه زجر عن ذلك، وفيهما أيضًا عن عُثْمان ما يدلُّ على عدم كراهية ذلك، فليتأمَّل؛ لاحتمال أن يكون فيما وَقَعَ في الأصل تصحيف من عُمَر إلى عثمان، قال العَيني: لا يلزم من عدم رؤيته هذا الأثر عن عُثْمان ألَّا يكون منقولًا عنه، فليس بسديد زَعَمَ الاحتمال الناشئ من غير دليل. فإن قلت: رواية عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة عن عُثْمان بخلاف ما ذكره البخاري عنه دليل الاحتمال، قال العَيني: لا يُسلَّم ذلك؛ لاحتمال أن يكون المنقول عنه آخرًا بخلاف ما نقل عنه أوَّلًا؛ لقيام الدَّليل عنده بذلك. انتهى. قال شيخنا: هكذا يكون التحامل؛ فإنِّي لم أنفِ وقوع نقل ذلك عن عثمان، واحتمال التصحيف لا ينكر. انتهى. قوله: (وَهَذَا إِذا اشتَغَلَ بِهِ) فأمَّا إذا لم يشتغل به فقد قال زيد بن ثابت ﵁: ما باليت أنَّ الرجل لا يقطع صلاة الرَّجل. (زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ) أي الأنصاري النَّجَّاري الفرضي الخزرجي أبو سعيد، ويقال: أبو خارجة، واسم جدِّه الضَّحَّاك، سمع زيد النَّبِيَّ ﷺ، روى عنه ابن عُمَر وأنس بن مالك وعبد الله بن يزيد الخطمي ومروان بن الحكم وبشر بن سعيد وعطاء بن يَسار وابنه خارجة بن زيد في الصَّلاة وغيرِ موضع، قال البخاري: قال علي بن المديني: مات سنة أربع أو خمس وخمسين. وقال خليفة وأبو عيسى: مات سنة خمس وأربعين. وقال الذُّهْلي: وقال أحمد بن حنبل: بلغني مات زيد بن ثابت سنة إحدى أو اثنين وخمسين، وصلَّى عليه مروان. وقدم النَّبِيُّ ﷺ وهو ابن إحدى عشرة سنة. قال صاحب «التَّوضيح» - أي ابن المُلَقِّن ـ: قوله: (هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ...) إلى آخره، من كلام البخاري، يشير به إلى أنَّ مذهبه ههنا بالتفصيل، وهو أنَّ استقبال الرجل الرجل في الصَّلاة إنَّما يكره إذا اشتغل المستقبل المصلِّي؛ لأنَّ علَّة الكراهة هي كفُّ المصلِّي عن الخشوع وحضور القلب، وأمَّا إذا لم يشغله فلا بأس به، والدليل عليه قول زيد بن ثابت: (مَا بَالَيْتُ) أي بالاستقبال المذكور، ويقال: لا أباليه أي لا أكترث له. قوله: (إِنَّ الرَّجُلَ) بكسر إنَّ؛ لأنَّه استئناف ذكر لتعليل عدم المبالاة، وروى أبو نُعَيم في «كتاب الصَّلاة» حدَّثنا مسْعَر قال: أُراني أوَّل من سمعه من القاسم قال: ضرب عُمَر ﵁ رجلين أحدهما مستقبلٌ والآخر يصلِّي، وحدَّثنا سُفْيان حدَّثنا رجل عن سعيد بن جُبَير: أنَّه كره أن يصلِّي وبين يديه مخنَّث محدث، وحدَّثنا سُفْيان
1 / 21