Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Mai Buga Littafi
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Inda aka buga
https
Nau'ikan
ويتمكَّن من دفع من يمرُّ بين يديه.
والثالث: إنَّه يستحبُّ لمن يصلِّي في الصحراء أن يتخذ أمامه سترة، وروى أبو داود من حديث أبي هريرة ﵁ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «إذا صلَّى أحدُكم فليجعلْ تلقاءَ وجهِهِ شيئًا، فإنْ لمْ يجدْ فلينصبْ عصًا، فإنْ لمْ يكنْ معهُ عصًا فليخطَّ خطًّا، ولا يضرُّه ما مرَّ أمامَه»، وخرَّجه ابن حبَّان في «صحيحه»، وذكر عبد الحقِّ: أنَّ ابن المديني وأحمد بن حنبل صحَّحاه، وقال عياض: هذا الحديث ضعيف وإن كان قد أخذ به أحمد، وقال سُفْيان بن عيينة: لم نجد شيئًا نَشُدُّ به هذا الحديث. وكان إسماعيل بن أميَّة إذا حدَّث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدُّون به، وأشار الشَّافعي إلى ضعفه، وقال النَّوَوي: فيه ضعف واضطراب، وقال البَيْهَقي: ولا بأس به في مثل هذا الحكم.
الرابع: مقدار السترة قدر ذراع، وقد ذكرنا الكلام فيه مستوفى فيما مضى عن قريب.
الخامس: ينبغي أن تكون في غلظ الإصبع؛ لأنَّ ما دونه لا يبدو للناظر من بعيد.
السادس: يقرب من السترة، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفى في باب سترة الإمام سترة لمن خلفه.
السابع: أن يجعل السترة على حاجبه الأيمن أو على الأيسر، وأخرج أبو داود من حديث المقداد بن الأسود قال: «ما رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ يصلِّي إلى عودٍ ولا عمودٍ ولا شجرةٍ إلَّا جعلَهُ على حاجبِهِ الأيمنَ أو الأيسرَ ولا يصمدُ لهُ صمدًا» يعني: لم يقصده قصدًا بالمواجهة، والصَّمْد: القصد في اللغة.
الثامن: أنَّ سترة الإمام سترة للقوم، وقد مرَّ الكلام فيه.
التاسع: ذكر أصحابنا - أي الحنفيَّة - أنَّ المعتبر الغرز دون الإلقاء والخطِّ؛ لأنَّ المقصود هو الدرء، فلا يحصل بالإلقاء ولا بالخطِّ، وفي «مبسوط» شيخ الإسلام: إنَّما يغرز إذا كانت الأرض رخوة، فأما إذا كانت صلبة لا يمكنه فيضع وضعًا؛ لأنَّ الوضع قد روي كما روي الغرز، لكن يضع طولًا لا عرضًا، وروى أبو عصمة عن محمَّد: إذا لم يجد سترة قال: لا يخطُّ بين يديه؛ فإنَّ الخطَّ وتركه سواء؛ لأنَّه لا يبدو للناظر من بعيد، وقال الشَّافعي بالعراق - أي في القول القديم-: إن لم يجد ما يغرز يخطُّ خطًّا طولًا، وبه أخذ بعض المتأخِّرين، وفي «المحيط» للحنفيَّة: الخطُّ ليس بشيء، وفي «الذخيرة» للقرافيِّ من المالكيَّة: الخطُّ باطل، وهو قول الجمهور، وجوَّزه أَشْهَب في «العتبية» وهو قول سعيد بن جُبَير والأوزاعيُّ والشافعيُّ بالعراق، ثمَّ قال بمصر - أي في القول الجديد -: لا يخطُّ، والمانعون أجابوا عن حديث أبي هريرة المذكور: إنَّه ضعيف، وقال عبد الحقِّ: ضعَّفه جماعة، وقال ابن حزم في «المحلَّى»: لم يصحَّ في الخطِّ شيء، ولا يجوز القول به.
العاشر: أنَّ السترة إذا كانت مغصوبة فهي معتبرة عندنا - أي الحنفيَّة - وعن أحمد: تبطل صلاته، ومثله الصَّلاة في الثَّوب المغصوب عنده. انتهى. قلت: وعند الشَّافعي تصحُّ الصَّلاة في الثَّوب والدَّار المغصوبين. انتهى.
وفيه: أنَّ الدرء، وهو دفع المارِّ بين يدي المصلِّي، هل هو واجبٌ أم نَدْبٌ؟ فقال النَّوَوي: هذا الأمر أعني قوله: (فَلْيَدْفَعْهُ) أمرُ نَدْبٍ
متأكّد، ولا أعلم أحدًا من الفقهاء أوجبه. قال العَيني: قال أهل الظَّاهر بوجوبه لظاهر الأمر، فكأن النَّوَوي ما اطلع على هذا، أو ما اعتدَّ بخلافهم. وقال ابن بطَّال: اتفقوا على دفع المارِّ إذا صلَّى إلى سترة، فأمَّا إذا صلَّى إلى غير السترة فليس له؛ لأنَّ التصرف والمشي مباح لغيره في ذلك الموضع الذي يصلِّي فيه، فلم يستحق أن يمنعه إلَّا ما قام الدليل عليه، وهي السترة الَّتي وردت السنَّة بمنعها. وفيه: إنَّه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليردَّه، وإنَّما يدافعه ويردُّه من موضعه؛ لأنَّ مفسدة المشي في الصَّلاة أعظم من مروره بين يديه، وإنَّما أبيح له قدر ما يناله من موقفه، وإنَّما يردُّه إذا كان بعيدًا منه بالإشارة والتَّسبيح ولا يجمع بينهما، وقال إمام الحرمين: لا ينتهي دفع المارِّ إلى منع محقق، بل يُومئ ويشير برفق في صدر من يمرُّ به. وفي «الكافي» للرُّويانيِّ: يدفعه ويصبر على ذلك وإن أدَّى إلى قتله، وقيل: يدفعه دفعًا شديدًا أشدّ من الدرء، ولا ينتهي إلى ما يفسد صلاته، وهذا هو المشهور عند مالك وأحمد، وقال أشهب في «المجموعة»: إن قرب منه درأه ولا ينازعه، فإن مشى له ونازعه لم تبطل صلاته، وإن تجاوزه لا يردُّه؛ لأنَّه مرور ثانٍ. وكذا رواه ابن القاسم من أصحاب مالك، وبه قال الشَّافعي وأحمد، وقال ابن مسعود وسالم: يردُّه من حيث جاء، وإذا مرَّ بين يديه ما لا تؤثر فيه الإشارة كالهرَّة قالت المالكية: دفعه برجله أو ألصقه إلى السُّترة. وفيه: فإن أبى فليقاتله، قال عياض: أجمعوا على أنَّه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا بما يؤدِّي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قَوَد عليه باتِّفاق العلماء، وهل تجب ديَّته أم يكون هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك، قال ابن سُفْيان: عليه الدية في ماله كاملة، وقيل: هي على عاقلته، وقيل: هدر. ذكره ابن التِّين. واختلفوا في معنى: (فَلْيُقَاتِلْهُ) والجمهور على أنَّ معناه: الدفع بالقهر، لا جواز القتل، والمقصود: المبالغة في كراهة المرور، وأطلق جماعة من الشافعيَّة: أنَّ له أن يقاتله حقيقةً، وردَّ ابن العربيِّ ذلك وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة، وقال بعضهم: معنى (فَلْيُقَاتِلْهُ): فليلعنه، قال الله تعالى: ﴿قُتِلَ الخَرَّاصُوْنَ﴾ [الذاريات: ١٠] أي لعنوا، وأنكره بعضهم، وقال ابن المنذر: يدفع في نحره أوَّل مرَّة، ويقاتله في الثانية وهي المدافعة وقيل: المقاتلة بعد الثالثة، وقيل: يؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصَّلاة ويؤنِّبه، وقيل: يدفعه دفعًا أشدّ من الردِّ مُنْكِرًا عليه، وفي «التَّمهيد»: العمل القليل في الصَّلاة جائز، نحوَ قتل البرغوث، وحكِّ الجسد، وقتل العقرب بأخفِّ من الضرب، ما لم تكن المتابعة والطول والمشي إلى الفُرَج إذا كان ذلك قريبًا، ودرء المصلِّي، وهذا كلُّه ما لم يكثر، فإن كثر فسد، قلت: إذا قتل برغوثًا في صلاته بطلت إذا كان قتله على شيء من جسده أو ثيابه. انتهى. وفيه: أنَّ المارَّ كالشَّيطان في إنَّه شغل قلبه عن مناجاة ربِّه. وفيه: إنَّه يجوز أن يقال للرجل إذا
متأكّد، ولا أعلم أحدًا من الفقهاء أوجبه. قال العَيني: قال أهل الظَّاهر بوجوبه لظاهر الأمر، فكأن النَّوَوي ما اطلع على هذا، أو ما اعتدَّ بخلافهم. وقال ابن بطَّال: اتفقوا على دفع المارِّ إذا صلَّى إلى سترة، فأمَّا إذا صلَّى إلى غير السترة فليس له؛ لأنَّ التصرف والمشي مباح لغيره في ذلك الموضع الذي يصلِّي فيه، فلم يستحق أن يمنعه إلَّا ما قام الدليل عليه، وهي السترة الَّتي وردت السنَّة بمنعها. وفيه: إنَّه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليردَّه، وإنَّما يدافعه ويردُّه من موضعه؛ لأنَّ مفسدة المشي في الصَّلاة أعظم من مروره بين يديه، وإنَّما أبيح له قدر ما يناله من موقفه، وإنَّما يردُّه إذا كان بعيدًا منه بالإشارة والتَّسبيح ولا يجمع بينهما، وقال إمام الحرمين: لا ينتهي دفع المارِّ إلى منع محقق، بل يُومئ ويشير برفق في صدر من يمرُّ به. وفي «الكافي» للرُّويانيِّ: يدفعه ويصبر على ذلك وإن أدَّى إلى قتله، وقيل: يدفعه دفعًا شديدًا أشدّ من الدرء، ولا ينتهي إلى ما يفسد صلاته، وهذا هو المشهور عند مالك وأحمد، وقال أشهب في «المجموعة»: إن قرب منه درأه ولا ينازعه، فإن مشى له ونازعه لم تبطل صلاته، وإن تجاوزه لا يردُّه؛ لأنَّه مرور ثانٍ. وكذا رواه ابن القاسم من أصحاب مالك، وبه قال الشَّافعي وأحمد، وقال ابن مسعود وسالم: يردُّه من حيث جاء، وإذا مرَّ بين يديه ما لا تؤثر فيه الإشارة كالهرَّة قالت المالكية: دفعه برجله أو ألصقه إلى السُّترة. وفيه: فإن أبى فليقاتله، قال عياض: أجمعوا على أنَّه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا بما يؤدِّي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قَوَد عليه باتِّفاق العلماء، وهل تجب ديَّته أم يكون هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك، قال ابن سُفْيان: عليه الدية في ماله كاملة، وقيل: هي على عاقلته، وقيل: هدر. ذكره ابن التِّين. واختلفوا في معنى: (فَلْيُقَاتِلْهُ) والجمهور على أنَّ معناه: الدفع بالقهر، لا جواز القتل، والمقصود: المبالغة في كراهة المرور، وأطلق جماعة من الشافعيَّة: أنَّ له أن يقاتله حقيقةً، وردَّ ابن العربيِّ ذلك وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة، وقال بعضهم: معنى (فَلْيُقَاتِلْهُ): فليلعنه، قال الله تعالى: ﴿قُتِلَ الخَرَّاصُوْنَ﴾ [الذاريات: ١٠] أي لعنوا، وأنكره بعضهم، وقال ابن المنذر: يدفع في نحره أوَّل مرَّة، ويقاتله في الثانية وهي المدافعة وقيل: المقاتلة بعد الثالثة، وقيل: يؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصَّلاة ويؤنِّبه، وقيل: يدفعه دفعًا أشدّ من الردِّ مُنْكِرًا عليه، وفي «التَّمهيد»: العمل القليل في الصَّلاة جائز، نحوَ قتل البرغوث، وحكِّ الجسد، وقتل العقرب بأخفِّ من الضرب، ما لم تكن المتابعة والطول والمشي إلى الفُرَج إذا كان ذلك قريبًا، ودرء المصلِّي، وهذا كلُّه ما لم يكثر، فإن كثر فسد، قلت: إذا قتل برغوثًا في صلاته بطلت إذا كان قتله على شيء من جسده أو ثيابه. انتهى. وفيه: أنَّ المارَّ كالشَّيطان في إنَّه شغل قلبه عن مناجاة ربِّه. وفيه: إنَّه يجوز أن يقال للرجل إذا
1 / 18