Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Mai Buga Littafi
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Inda aka buga
https
Nau'ikan
آخره؛ قلت: الأحاديث الواردة في النَّهي عامَّة فلا يترك العمل بعمومها للأحاديث الواردة الَّتي لها سبب الَّتي لا تقاومها، على أنَّا نقول: إنَّ أحاديث النَّهي متأخِّرة، فالعمل للمتأخِّر دون المتقدِّم. انتهى.
قال شيخنا: ولا يخفى أن حمل إنكار معاوية على هذا بعيد جدًّا، أي على سبيل التطوُّع الراتب لها، كما كانوا يصلُّون بعد الظهر. انتهى.
٥٨٨ - قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَّامٍ) أي بتشديد اللَّام، السَّكَندَري، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ ﷺ أَنَا أَعلَمُكُمْ بِاللهِ.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْص بنِ عاصمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ ﷺ عَنْ صَلَاَتَيْنِ بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمس وبعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) هذا الحديث قد تقدَّم بأتمِّ سياق في الباب الذي قبله، أخرجه عن عبد بن سُلَيمان عن عُبَيْد الله بن عُمَر بن حَفْص عن خُبيب بضمِّ الخاء المعجمة... إلى آخره.
(٣٢) (بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ) أي هذا باب في بيان رواية من لم يكره الصَّلاة إلَّا بعد صلاة العصر وبعد صلاة الصبح، ثمَّ بيَّن هؤلاء الذين لم يكرهوا الصَّلاة إلَّا في الوقتين المذكورين بقوله: (رَوَاهُ عُمَر وابنُ عُمَر وأَبُو سَعِيْدٍ وأَبُو هُرَيْرَةَ ﵃ أَجْمَعِيْنَ)
قال شيخنا: قيل: آثر البخاري الترجمة بذكر المذاهب على ذكر الحكم، للبراءة من عهدة بتِّ القول في موضع كَثُرَ فيه الاختلاف، ومحصَّل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات الَّتي يكره فيها الصَّلاة إنَّها خمسة: عند طلوع الشَّمس وعند غروبها، وبعد صلاة الصُّبح وبعد صلاة العصر، وعند الاستواء، ويرجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد صلاة الصُّبح إلى أن ترتفع الشَّمس فيدخل فيه الصَّلاة عند طلوع الشَّمس، وكذا من بعد صلاة العصر إلى أن تغرب، ولا يُعكِّر على ذلك أنَّ من لم يُصلِّ الصُّبح مثلًا حين بزغت الشَّمس يكره له التنفُّل حينئذٍ، لأنَّ الكلام إنَّما هو جار على الغالب المعتاد، وأمَّا هذه الصور النادرة فليست مقصودة، وفي الجملة عدّها أربعة أجود وبقي خامس وهو الصَّلاة وقت استواء الشَّمس، وعلَّه لم يصحَّ عند المؤلِّف على شرطه فترجم لنفيه، وفيه أربعة أحاديث: حديث عُقْبَة بن عامر وهو عند مسلم ولفظه: «وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَرْتَفِعَ»، وحديث عَمْرو بن عَبَسَة وهو عند مسلم أيضًا ولفظه: «حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، فَإِذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ» وفي لفظ لأبي داوود: «حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظِلُّهُ»، وحديث أبي هريرة وهو عند ابن ماجَهْ والبَيْهَقي ولفظه: «حَتَّى تَسْتَوِيَ الشَّمس عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ فَإِذَا زَالَتْ فَصَلِّ»، وحديث الصُّنابِحي وهو في «الموطأ» ولفظه: «ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ فارَقهَا فَإِذَا زَالَتْ قارَنهَا»، وَفِي آخِرِهِ: «وَنَهَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَنِ الصَّلاة فِي تِلْكَ السَّاعَة»، وهو حديث مرسل مع قوَّة رجاله، وفي الباب أحاديث أُخر ضعيفة، وبقضية هذه الزيادة قال عُمَر بن الخطَّاب: منهي عن الصَّلاة
نصف النَّهار، وعن ابن مسعود قال: كنا نُنهى عن ذلك، وعن أبي سعيد المَقْبُرِيّ قال: أدركت النَّاس وهم يتَّقون ذلك، وهو مذهب الأئمَّة الثلاثة والجمهور، وخالف مالك فقال: ما أدركت أهل الفضل إلَّا وهم يجتهدون ويصلُّون نصف النَّهار، قال ابن عبد البرِّ: وقد روى مالك حديث الصُّنابِحي، فإما إنَّه لم يصحَّ عنده، وإمَّا أنَّه ردَّه بالعمل الذي ذكره. انتهى. وقد استثنى الشَّافعي ﵁ ومن وافقه كأبي يوسف من ذلك يوم الجمعة، أي خاصَّة، لأنَّ جهنَّم لا تسجر فيه، وفيه حديث لأبي داود أن جهنَّم تسجر فيه إلَّا يوم الجمعة، وفيه انقطاع واستثنى مكحول المسافر، قال شيخنا: وحجَّة الشَّافعي ومن وافقه أنَّه ﷺ ندب النَّاس إلى التبكير يوم الجمعة ورغَّب في الصَّلاة إلى خروج الإمام كما سيأتي في بابه، وجعل الغاية خروج الإمام وهو لا يخرج إلَّا بعد الزوال، فدلَّ على عدم الكراهة، وجاء فيه حديث عن أبي قَتَادَة مرفوعًا أنَّه ﵇ كره الصَّلاة نصف النَّهار إلَّا يوم الجمعة، في إسناده انقطاع، وقد ذكر له البَيْهَقي شواهد ضعيفة، إذا ضُمَتْ قَوِيَ الخَبَرُ، والله أعلم. انتهى.
قال العَيني: وكانت الصحابة يتنفلون يوم الجمعة في المسجد حتَّى يخرج عُمَر ﵁، وكان لا يخرج حتَّى تزول الشمس، وروى ابن أبي شَيْبَة عن مَسْروق إنَّه كان يصلِّي نصف النَّهار، فقيل له: إن الصَّلاة في هذه السَّاعة تُكره، فقال: ولمَ؟ قال: قالوا: إنَّ أبواب جهنَّم تُفتح نصف النَّهار، فقال: الصَّلاة أحقُّ ما أستعيذ به من جهنَّم حين تفتح أبوابها. انتهى.
قال شيخنا: فرَّق بعضهم بين حكمة النَّهي عن الصَّلاة بعد الصُّبح والعصر، وعن الصَّلاة عند طلوع الشَّمس وعند غروبها فقال: يكره في الحالتين الأوليتين، ويحرم في الحالتين الأخيرتين، وممن قال بذلك: محمَّد بن سيرين ومحمَّد بن حريث الطبري، واحتجَّ بما ثبت عنه ﷺ إنَّه صلَّى بعد العصر، فدلَّ على أنَّه لا يحرم، وكأنَّه حمل فعله على بيان الجواز، وسيأتي ما فيه في الباب الذي بعده، وروي عن ابن عُمَر تحريم الصَّلاة بعد الصبح، حتَّى تطلع الشَّمس، وأباحها بعد العصر حتَّى تصفرَّ، وبه قال ابن حزم واحتجَّ بحديث علي إنَّه ﷺ نهى عن الصَّلاة بعد العصر إلَّا والشَّمس مرتفعة، رواه أبو داود بإسناد صحيح قوي، والمشهور إطلاق الكراهة في الجميع، فقيل: هي كراهة تحريم، وقيل: كراهة تنزيه، وقوله: (رواه عُمَر) ... إلى آخره، يريد أنَّ أحاديث هؤلاء الأربعة وهي الَّتي قُدِّمَ إيرادها في البابين السابقين، ليس فيها تعرُّض للاستواء، لكن لمن قال به أن يقول إنَّه زيادة من حافظ ثقة، فيجب قبولها. انتهى.
٥٨٩ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) أي محمَّد بن الفضل السَّدُوسي، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ ﷺ
1 / 107