Mutuwa Ta Ziyarci Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Nau'ikan
ثم رأى دارسي القبعة المزخرفة بالشرائط الأرجوانية والخضراء. لا بد أنها سقطت عن رأسها وتدحرجت إلى الرصيف وتوقفت عند قدميه الآن. راح دارسي يحدق إلى القبعة وكأنه في حالة غيبوبة. وبالقرب منه كانت هناك امرأة مذهولة، تحمل رضيعا باكيا تحت ذراعها وفي يدها الأخرى كانت تمسك بزجاجة من النبيذ، فتقدمت تلك المرأة ثم توقفت ووضعت القبعة على رأسها. ثم قالت وهي تبتسم إلى دارسي: «لم تعد في حاجة إليها بعد الآن، أليس كذلك؟» ثم ذهبت.
الفصل الحادي عشر
كان وجود جثة امرأة مقتولة قد صرف انتباه بعض الرجال ممن هم عند الباب إليها، فتمكن دارسي بصعوبة من شق طريقه إلى المقدمة وكان بين آخر ستة من الرجال تمكنوا من الدخول. هنا صاح شخص ما بصوت جهوري: «هناك اعتراف! لقد جاءوا باعتراف!» وفي الحال أصبحت قاعة المحكمة غارقة في الجلبة والصخب. بدا الأمر للحظة أن ويكهام سيجر من قفص الاتهام، لكنه وفي الحال كان محاطا بضباط المحكمة، وبعد أن وقف منتصبا بضع لحظات كان خلالها في حالة من الذهول، جلس ويكهام وقد غطى وجهه بيديه. تعالى الصخب والضوضاء. حينها رأى دارسي الدكتور ماكفي والقس بيرسيفال أوليفانت محاطين بضباط الشرطة. وراح دارسي يرقب بينما كان يتم إحضار كرسيين كبيرين ثقيلين نحوهما، فغاص كلاهما فيهما من شدة الإنهاك، وكان دارسي في أثناء ذلك مشدوها من فكرة حضورهما. وحاول دارسي أن يشق طريقه نحوهما عبر الحشد الكثيف، لكن الحشد كان كتلة بشرية غير قابلة للاختراق.
كان الناس قد تركوا مقاعدهم واقتربوا الآن من القاضي. ورفع الأخير مطرقته وراح يطرق بها بعنف، وفي النهاية تمكن من جعل صوته مسموعا، فخفتت الضوضاء. «أيها الضابط، أغلق الأبواب. وإن حدث المزيد من الاضطراب فسآمر بإخلاء المحكمة. إن الوثيقة التي اطلعت عليها توحي بأن اعترافا موقعا ويشهد عليه رجلان هما الدكتور أندرو ماكفي والقس فيرسيفال أوليفانت. أيها السادة، أهذا توقيعكما؟»
تحدث الدكتور ماكفي والسيد أوليفانت معا. فقالا: «هما توقيعانا يا سيدي.» «وتلك الوثيقة التي سلمتموها، أهي مكتوبة بخط يد الرجل الذي وقع فوق توقيعكما؟»
أجاب الدكتور ماكفي. «جزء منها يا سيدي. كان ويليام بيدويل في آخر حياته وكتب اعترافه وهو متكئ على الفراش، لكنني أثق في أن خطه واضح بما يكفي لقراءته رغم كونه مرتعشا. لكن الفقرة الأخيرة، وكما يوحي الفرق بين الخطين، قد كتبتها أنا بإملاء من ويليام بيدويل. كان حينها قادرا على الحديث، لكنه لم يكن قادرا على الكتابة إلا من التوقيع باسمه.» «إذن سأطلب من محامي جهة الدفاع أن يقرأها. وبعدها سأنظر في الطريقة المثلى لتكملة المحاكمة. وإن قاطع أحد ذلك فسأخرجه من هنا.»
أخذ جيريميا ميكلدور الوثيقة وبعد أن عدل نظارته، مر عليها بعينيه ثم بدأ يقرأ بصوت عال وواضح. وكانت قاعة المحكمة بأكملها صامتة:
أقدم أنا، ويليام جون بيدويل، هذا الاعتراف بإرادتي الحرة كسرد حقيقي لما حدث في غابة بيمبرلي في ليلة الرابع عشر من شهر أكتوبر الماضي. وأفعل ذلك وأنا أعلم تماما بأنني على شفير الموت. كنت في الفراش في الطابق العلوي بالغرفة الأمامية، لكن الكوخ كان خاليا إلا من ابن أختي جورج، وكان في فراشه. أما أبي فكان يعمل في منزل بيمبرلي. وكان هناك صوت صياح عال من قفص الدجاج، وخشيت أمي وأختي لويزا من أن يكون ثعلب قد جال في الأرجاء فذهبت لأتحقق الأمر. ولكن أمي لم تكن تحب أن أغادر فراشي؛ لأني لا أتمتع بقوة كبيرة، لكنني أردت أن أنظر من النافذة. واستطعت أن أستند إلى الفراش حتى وصلت إلى النافذة. كانت الرياح تهب بشدة وكان القمر مضيئا، وبينما نظرت إلى الخارج رأيت ضابطا يرتدي زيه الرسمي وكان يقف أمام الكوخ ينظر إليه. فانسحبت إلى خلف الستائر حتى يتسنى لي رؤية المكان من دون أن يراني أحد.
وقالت لي أختي إن ضابطا من الجيش عين في لامتون في العام السابق كان قد حاول الاعتداء على شرفها، وعرفت بشكل غريزي أن هذا الرجل هو المقصود وأنه عاد ليأخذها بعيدا. فما هي الأسباب الأخرى التي ستجعله يأتي إلى الكوخ في مثل هذه الليلة؟ ولم يكن أبي موجودا ليحميها، وكان ما يحزنني دائما أنني عاجز ميئوس منه، غير قادر على العمل بينما كان يجد هو العمل، وكنت أضعف من أن أستطيع حماية عائلتي. فلبست خفي وتمكنت من النزول إلى الطابق السفلي. وأخذت قضيب تزكية النار من الموقد وخرجت من الباب.
بدأ الضابط يتقدم نحوي وكان يرفع يده وكأنه أتى مسالما، لكنني كنت أعرف أنه لم يكن كذلك. وسرت نحوه مترنحا وانتظرت حتى اقترب مني. وبكل ما أوتيت من قوة، هويت بالقضيب عليه فأصابه مقبضه في جبينه. لم تكن الضربة قوية لكنها جرحته وبدأ الدم يسيل منه. حاول الضابط أن يمسح الدم عن عينيه لكنني كنت أعرف أنه لا يستطيع الرؤية. فعاد الضابط وهو يترنح نحو الأشجار وشعرت بنشوة انتصار كبيرة أمدتني بالقوة. وكان قد غاب عن أنظاري حين سمعت صخبا كبيرا وكأنه صوت سقوط شجرة. فدلفت إلى داخل الغابة وأنا أمسك بجذوع الأشجار لأستند عليها ورأيت أنه تعثر في شاهد قبر الكلب، وسقط على مؤخر رأسه، فارتطم رأسه في الشاهد الحجري. كان الرجل ثقيل الجثة، وكان صوت سقوطه مدويا، لكني لم أعرف أن سقوطه أودى بحياته. ولم أشعر بشيء إلا بالفخر لأنني أنقذت أختي العزيزة. وبينما كنت أشاهده راح يتدحرج عن الحجر ثم وقف على ركبتيه وراح يزحف مبتعدا. كنت أعرف أنه يحاول الهروب مني، رغم أنني لم أكن أتمتع بالقوة التي تمكنني من اللحاق به. وأدركت حينها أنه لن يعود.
Shafi da ba'a sani ba