Mutuwa Ta Ziyarci Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Nau'ikan
وكان رد هاردكاسل مدهشا. فقد ارتعشت شفتاه العريضتان إلى ما يمكن أن يعتبر - بالنسبة إلى أي رجل آخر - ابتسامة تنم عن التسامح. وقال: «تلك شهامة منك يا دارسي، لكن أظن أنه بإمكاننا أن نتصور أن السيدات هن من فعلن هذا. أليست هذه هي وظيفتهن التي يعرفنها؛ أن ينظفن الفوضى التي نخلفها في منازلنا وفي حياتنا في بعض الأحيان؟ على أي حال، سيكون هناك من الأدلة من جهة الخدم ما يكفي حول الحالة التي كان عليها ويكهام حين أحضر إلى المنزل. ولا يبدو أن هناك علامات واضحة تشير إلى جروح في جسده، عدا خدوش بسيطة على جبهته ويده. إذن فلا بد أن غالبية الدماء التي كانت على وجهه ويده تعود إلى الكابتن ديني.»
ثم التفت إلى بيلشر. وقال: «أعتقد يا بيلشر أن أصدقاءك العلماء المهرة لم يكتشفوا بعد طريقة للتمييز بين دماء رجل وآخر؟ إننا نرحب بمساعدتهم في هذا الشأن رغم أن ذلك بالطبع سيحرمني من وظيفتي، وسيجرد براونريج وميسون من عملهما.» «لا أسف على ذلك أيها السير سيلوين. فنحن لا نطمح لأن نضاهي الآلهة في علومنا.» «أحقا؟ يسعدني سماع ذلك. كنت أظن أن هذا مطمحكم.» وكما لو أنه أدرك بأن المحادثة أصبحت غير ملائمة للموقف، التفت هاردكاسل إلى الدكتور ماكفي وقال بنبرة آمرة حادة. «ماذا أعطيته؟ يبدو كأنه فاقد للوعي، وليس نائما. ألم تعلم أن هذا الرجل قد يكون هو المشتبه به الرئيسي في تحقيق عن جريمة قتل، وأنني سأرغب في التحقيق معه؟»
قال ماكفي بنبرة هادئة: «بالنسبة إلي هو مجرد مريض. لم يكن لدي شك أنه كان مخمورا حين رأيته للمرة الأولى، كما كان عدوانيا ومن الصعب السيطرة عليه. وفيما بعد، وقبل أن يسري مفعول العقار الذي أعطيته إياه، كان قد أصبح مشوشا وغير متماسك من الخوف، فكان يصيح من الفزع، لكن صياحه لم يكن مفهوما. ومن الواضح أنه كان يحلم بجثث تتدلى من المشانق ولها أعناق ممطوطة. كان الرجل يعاني كابوسا قبل أن يخلد حتى إلى النوم.»
قال هاردكاسل: «مشانق؟ لا يدهشني سماع هذا بالنظر إلى موقفه. ماذا كان العقار الذي أعطيته إياه؟ أظن أنه كان مهدئا من نوع ما.» «إنه مهدئ أخلط مكوناته بنفسي وقد استخدمته من قبل في عدد من الحالات. لقد أقنعته بأن يتناوله من أجل أن يخفف عنه وطأة الحزن والقلق. لم يكن هناك أمل أن تستخرج منه أي شيء منطقي وهو في تلك الحالة.» «ولا في حالته الآن. في اعتقادك كم سيمر عليه قبل أن يستيقظ ويصبح واعيا من أجل التحقيق معه؟» «من الصعب تحديد هذا. فالعقل في بعض الأحيان وبعد التعرض للصدمة يتخذ ملجأ له في فقدان الوعي، ويكون النوم عميقا ولفترة طويلة. لكن وبالنظر إلى الجرعة التي أعطيته إياها، من المفترض أن يستيقظ بحلول التاسعة من صباح الغد، وربما استيقظ قبل ذلك، لكن لا يمكن أن أكون دقيقا، فقد وجدت صعوبة في إقناعه أن يتناول عدة رشفات. وبعد موافقة السيد دارسي، أقترح أن أمكث في المنزل حتى يستعيد مريضي وعيه. فالسيدة ويكهام أيضا تخضع لإشرافي ورعايتي.» «ولا شك أيضا أنك أعطيتها مهدئا، وأنها غير قادرة على الخضوع للتحقيق؟» «كانت السيدة ويكهام مصابة بالهستيريا بفعل الصدمة. لقد أقنعت نفسها أن زوجها قد قتل. كنت أعتني بامرأة منزعجة من شدة الحزن، وكانت في حاجة إلى الراحة من خلال أخذ قسط من النوم. لم يكن في مقدورك أن تسألها عن أي شيء حتى تصبح أكثر هدوءا.» «كنت لأحصل منها على الحقيقة. أعتقد بأننا يفهم بعضنا بعضا أيها الطبيب. أنت لديك مسئولياتك ولدي أنا مسئولياتي. وأنا لست برجل غير واقعي. وليس لدي أي رغبة في إزعاج السيد ويكهام حتى الصباح.» ثم التفت إلى بيلشر. وقال: «ألديك أي ملاحظات تبديها يا بيلشر؟» «لا أيها السير سيلوين، عدا أنني أتفق مع فعل الدكتور ماكفي فيما يتعلق بإعطاء ويكهام عقارا مهدئا. ففي الحالة التي وصفت لنا عنه، لم يكن بمقدورنا أن نستجوبه، وإن كان قد قدم للمحاكمة فيما بعد، فإن أي شيء قاله كان سيطعن فيه أمام المحكمة.»
ثم التفت هاردكاسل إلى دارسي. وقال: «إذن سأعود عند التاسعة من صباح الغد. وحتى ذلك الحين، سيتولى آمر البلدة براونريج والضابط ميسون مسئولية حراسة الغرفة وستئول إليهما مفاتيحها. وإن تطلب الأمر من الدكتور ماكفي رعاية ويكهام فسيستدعونه، وفيما عدا ذلك فلن يدخل أحد هذه الغرفة حتى عودتي. سيحتاج الضباط إلى أغطية وإلى بعض الطعام والشراب كعون لهم؛ كاللحم المجمد والخبز، كالمعتاد.»
قال دارسي باقتضاب: «سيحضر كل ما يلزم.»
حينها بدا أن هاردكاسل يلاحظ للمرة الأولى معطف ويكهام الكبير وهو ملقى على أحد الكراسي والحقيبة الجلدية الخاصة به على الأرض بجوار الكرسي. «هل هذه هي الأمتعة التي كانت في العربة؟»
قال دارسي: «عدا صندوق للملابس وصندوق للقبعات وحقيبة أخرى تعود للسيدة ويكهام، كانت هناك حقيبتان أخريان، إحداهما تحمل الحرفين ج. والثانية تحمل اسم الكابتن ديني. وكما أخبرني برات فإن العربة كانت مستأجرة لتوصيل الرجلين إلى كينجز آرمز في لامتون، وقد تركت الحقائب في العربة حتى عدنا بجثة الكابتن ديني، وحينها أدخلت الحقائب إلى المنزل.»
قال هاردكاسل: «سنحتاج إلى أن نتسلم هذه الحقائب بالطبع. سأصادر كافة الحقائب عدا تلك التي تعود إلى السيدة ويكهام. وفي غضون ذلك، لننظر ماذا كان يحمل معه.»
وأمسك هاردكاسل بمعطف ويكهام الكبير وراح يهزه بقوة. فتناثرت منه ثلاث ورقات شجر جافة، ورأى دارسي أنه كانت هناك بضع ورقات أخرى متعلقة بأكمامه. سلم هاردكاسل المعطف إلى ميسون ودس يده في جيوبه. ومن الجيب الأيسر له أخرج الأشياء الصغيرة العادية التي من المتوقع لمسافر أن يحملها معه؛ قلم رصاص، ودفترا صغيرا ليس به أي مدخلات، ومنديلين، وزجاجة قال هاردكاسل بعد أن أزال غطاءها إنها كانت تحتوي على الويسكي. أما الجيب الأيمن فأخرج شيئا أكثر إثارة؛ وهو محفظة جيب جلدية. وبعد أن فتحها، سحب هاردكاسل منها رزمة من النقود مطوية بعناية، فعدها. «30 جنيها تحديدا. من الواضح أن النقود جديدة، أو على الأقل مطبوعة حديثا. سأعطيك إيصالا بها يا دارسي، حتى نعرف من هو مالكها الحقيقي. سأضع المال في خزنتي الليلة. وربما أحصل في الصباح على تفسير لكيفية وصول هذا المبلغ إليه. أحد الاحتمالات يقول إنه أخذ النقود من جثة ديني، وإن كان هذا صحيحا فقد يكون لدينا دافع هنا.»
Shafi da ba'a sani ba