167

Mujallar Tarihin Misira Ta Da

موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

Nau'ikan

غير أن الواقف لا يمكنه أن يمنع خصما آخر من رفع دعوى ضد الكهنة أمام محكمة السراة، ولكنه مع ذلك كان يراعي عدم إلحاق أي ضرر بأوقافه، فيقول: كل كاهن يحضر أمام «السراة» لسبب آخر (فلا بد له أن يعلنهم بأنه قد حضر لسبب آخر. على أن نصيبه يكون حسب الطائفة التي ينتمي إليها) وأن تقدر الكهنة الأرض والناس، وكل شيء أعطيتهم إياه لعمل القربان لي هنا في القبر الذي في جبانة «خفرع ور»، وكل يخصه بصفة دخل له.

ومن هذه الوثيقة نرى أن محكمة السراة كانت المحكمة المختصة للفصل في المسائل الخاصة بالعقار.

الإجراءات لرفع الدعوة

أما الإجراءات التي كانت تتبع لرفع الدعوى فكانت تنحصر في أن يقدم المدعي عريضة «ع» يشرح فيها طلبه. وإذا كان الموضوع خاصا بعقار فإن المحكمة ترجع في حكمها إلى الأوراق الخاصة بهذا العقار المستخرجة من مصلحة الزمامات. والواقع أننا كنا نرى الواقف يضع أمام المحكمة قائمة بعقاره بطريقة واضحة تفصل بين أملاكه وأملاك الكهنة الذين يدخلون في مقاضاة مدنية. ومن ذلك يتضح أن الإجراءات القضائية ترتكز على أساس مكتوب يحتوي على وثائق لها أصل محفوظ في السجلات، وقد كان من حق المتخاصمين أحيانا أن يتفاديا اختصاص محكمة السراة، وذلك بعمل تحكيم إذا نص على ذلك في صلب عقد الوقف، كما جاء في عقد وقف «رئيس كهنة نخب» السابق الذكر إذ يقول: إن كل المخاصمات التي يمكن أن تحدث بين أعضاء الوقف تعرض على لجنة تحكم من جماعة الكهنة الذين يمثلون هذا الوقف، ويكون حكمها هو النهائي، أي أنها تبعد في هذه الحالة عن اختصاص المحاكم العادية. ومن ذلك يتضح أن القانون المصري يجيز التحكيم ويعترف به بمثابة سلطة قضائية، ولا نزاع في أن الإجراءات التي شرحناها في هذه الوثيقة كانت بطبيعة الحال تستدعي وجود مستخدمين وإدارة قضائية. ولا نذهب بعيدا فإن والد «متن» كان «موظفا قضائيا» ونقرأ كذلك في عهد الأسرة الرابعة في النقوش الألقاب الآتية: قاض كاتب «ساب سش» وقاض كاتب أول «ساب سحز سش» وقاض مدير الكتبة «ساب امرا سش» ولا نزاع في أن لقب كاتب وكاتب أول ومدير الكتاب، كلها تدل على درجات مختلفة يحملها موظفو الإدارة، فنستخلص من ذلك أنه كان للعدالة مصلحة خاصة قائمة بذاتها بجانب المصالح الإدارية ويتميز موظفوها عن الأخيرة بلقب قاض قبل كل لقب إداري كما ذكرنا. (1) السلطة القضائية في عهد الأسرة الرابعة

تدل النقوش في عهد الأسرة الرابعة على أن لقب حاكم القصر العظيم «حكا حت عات» قد حل محله لقب إداري آخر «مدير القصر الكبير» وسنرى عند درس الألقاب القضائية أن القصر الكبير «حت ورت» هو المحكمة، وإنه في عهد الأسرة الخامسة كانت المحكمة العليا للدولة تسمى محكمة الستة العليا «حت ورت سو»، وهي التي حلت محل المحكمة الكبيرة، التي كانت تعد المحكمة العليا للدولة في عهد الأسرة الرابعة، ولم يكن الوزير رئيسها الأعلى في هذا العهد.

سلطة الوزير القضائية

ولكن من جهة أخرى كان في عهد الأسرة الخامسة يحمل لقب مدير محكمة الستة العليا «امرا حت ورت سو» والواقع أن الوزير رغم أنه لم يرأس أي جلسة، فإنه كان القاضي الأعظم أي القاضي للباب الملكي. وهذا الباب يعلوه الصل (الثعبان) الذي يمثل به الوزير سلطته القضائية، وهو في الحقيقة تجديد في عهد الأسرة الرابعة، ويمكن تفسير ذلك بكل سهولة، وذلك أننا نعرف أن اسم المحكمة «حت ورت» مؤلف من كلمة «حت» التي في الأصل معنى قصر السيد «حكا». وقد كانت السلطتان القضائية والتنفيذية مختلطتين ببعضهما، قبل توحيد البلاد بين أيدي الأمراء المحليين. ولكن تجمع السلطة في يد الملك تدريجا جعلت محل هؤلاء الحكام، موظفين من قبل الملك، وبقيت في يدهم السلطة القضائية، غير أنهم كانوا يستعملونها بصفتهم ممثلين للملك، ومن ذلك يتضح أن السلطة القضائية انتقلت من يد الأمراء الحكام إلى يد الملك، فكان حينئذ أعظم القضاة هو الذي يجلس في قصر الملك نفسه. وهذا القاضي هو الوزير كما يبرهن على ذلك الباب الذي يعلوه الصل الملكي الذي مثل في لقبه ويسميه «قاضي باب الصل»، أي القاضي الملكي بكل مدلول العبارة. وتدل الألقاب التي في متناولنا أن كلا من الوزير والمحكمة العليا «حت ورت» كان مستقلا عن الآخر في السلطة، فكان الوزير ينتخبه الملك ليكون ممثله المباشر وفي يده السلطة القضائية العليا التي كانت فوق كل المحاكم القضائية، على أننا لا يمكننا أن نحدد اختصاصاته. ولا بد من أن نرى في هذا الإصلاح مظهرا لسياسة الملك الاستبدادية، إذ الواقع إن في تعيين الملك للوزير قاضيا أعلى قد ألقى في يده إدارة القضاء في البلاد مباشرة. (2) قاضي المدنيين «مدو خيت»

يدل الدرس الدقيق على أن هذا اللقب كان يطلق على الموظف الذي كان يقود هذه الطائفة من سكان القطر، ويتكلم بلسانهم، ويحاكمهم. و «الرخيت»

هم في الأصل سكان المدن في الوجه البحري ثم عمم فيما بعد وأصبح يطلق على سكان المدن في البلاد كلها في عهد الأسرة الخامسة كما سنشرحه.

وتدل الدراسات الدقيقة في تتبع ظهور هذا اللقب على حادث من أهم حوادث سياسة تجمع السلطة في أيدي الملوك، فنعلم أن الملك «نعرمر» قد أمر بقطع رقاب عشرة رجال من «متليس»، غربي الدلتا (فوه؟). وكذلك منذ ذلك العهد قد عثرنا على أختام عرفنا منها أن المدن كان يحكمها حكام يطلق على كل منهم لقب «عزمر». وفي عهد الأسرة الثالثة أصبحت مقاطعات الدلتا تحت سلطان حاكم يلقب (حاكم القصر العظيم) وحاكم الفلاحين «مريت» «حكا حت عات عز مر».

Shafi da ba'a sani ba