صورة البشر إلى صورة القردة ، ليس في وسعهم؟
قلنا هذا أمر إيجاد لا أمر إيجاب ، فهو من قبيل قوله عز وجل : ( كن فيكون ) [آل عمران : 47 وسورة يس : 82].
فإن قيل : لم قال سبحانه : ( عوان بين ذلك ) [الآية 68] ولفظة بين تقتضي شيئين فصاعدا ، فكيف جاز دخولها على ذلك ، وهو مفرد؟
قلنا : ذلك يشار به إلى المفرد والمثنى والمجموع ، ومنه قوله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) [يونس : 58] وقوله تعالى : ( وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ) (186) [آل عمران] وقوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات ) [آل عمران : 14] إلى قوله تعالى : ( ذلك متاع الحياة الدنيا ) فمعناه عوان بين الفارض والبكر ، وسيأتي تمامه في قوله عز وجل : ( لا نفرق بين أحد من رسله ) [الآية 285] إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : قوله تعالى : ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ) [الآية 74] كلاهما بمعنى واحد ، فما فائدة الثاني؟
قلنا : التفجر يدل على الخروج بوصف الكثرة ، والثاني يدل على الخروج نفسه : وهما متغايران فلا تكرار.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ) [الآية 79] والكتابة لا تكون إلا باليد؟
قلنا : الحكمة فيه تحقيق مباشرتهم ذلك التحريف بأنفسهم ، وذلك زيادة في تقبيح فعلهم ، فإنه يقال : كتب فلان كذا وإن لم يباشره بنفسه ، بل أمر غيره به من كاتب له ، ونحو ذلك.
فإن قيل : التولي والإعراض واحد ، فلم قال تعالى : ( ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) (83).
قلنا : معناه : ثم توليتم عن الوفاء بالميثاق والعهد ، وأنتم معرضون عن الفكر والنظر في عاقبة ذلك.
فإن قيل : قوله تعالى : ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا ) [الآية 96] ما الحكمة في قوله تعالى : ( ومن الذين أشركوا ) وهم من جملة الناس؟
قلنا : إنما خصوا بالذكر بعد العموم ،
Shafi 264