Mawsuatun Mujaza Fi Tarihin Islama
الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي
Nau'ikan
دولة أخرى؛ ولذا كان المسلمون فى حاجة إلى قوة بحرية تمكنهم
من الحفاظ على شواطئهم ضد هجمات الأسطول البيزنطى.
وكان أول من تنبه إلى ذلك «معاوية بن أبى سفيان» والى الشام؛
لأنه اضطلع بفتح سواحل الشام، مثل: «صور»، و «عكا»، و «صيدا»،
و «بيروت» منذ عهد الخليفتين «أبى بكر الصديق» و «عمر بن
الخطاب»، وواجه صعوبات كثيرة فى فتح تلك المدن، لقوة تحصينها
من ناحية، وتوالى الإمدادات التى تأتيها من البحر من ناحية أخرى،
كما أنها كانت محطات للأساطيل البيزنطية.
ولما أدرك «معاوية» أنه بدون قوة بحرية إسلامية فلن يتمكن من
الدفاع عن كل الساحل الشامى، فعرض الأمر على الخليفة «عمر بن
الخطاب»، مصورا له حجم الخطر بقوله: «يا أمير المؤمنين، هناك قرية
من قرى الروم - يقصد جزيرة قبرص - فى عرض البحر، تتخذها
أساطيلهم قاعدة للعدوان علينا، وهذه القرية قريبة من حدودنا إلى
درجة أن أهل «حمص» - من مدن الشام - يسمعون نباح كلابها وصياح
دجاجها، فأذن لنا ببناء أسطول حربى بحرى »، لكن «عمر» رفض
ذلك رفضا قاطعا؛ لخوفه على المسلمين من أهوال البحار، وأن
الوقت لا يزال مبكرا للدخول فى هذا المجال، وقال لمعاوية: «لمسلم
واحد أحب إلى مما حوت الروم»، يقصد أن سلامة المسلمين عنده
مقدمة على أى شىء آخر، وطلب من «معاوية» أن يستعيض عن ذلك
بتقوية حصون السواحل، فامتثل «معاوية»، لكنه لم يفقد الأمل فى
تحقيق ما يصبو إليه.
بناء الأسطول:
بادر «معاوية بن أبى سفيان» بعد تولى «عثمان بن عفان» الخلافة
سنة (24 ه) إلى عرض مشروعه القديم عليه، الذى يقضى بإنشاء
أسطول بحرى، لكن «عثمان» رفض فى البداية، وذكره بمادار بينه
وبين «عمر بن الخطاب» فى ذلك الشأن، وأنه حريص على سلامة
المسلمين كحرص «عمر» من قبل لكن «معاوية» ألح عليه إلحاحا
شديدا، وكان أجرأ عليه من «عمر»، ولم يكف عن المحاولة حتى ظفر
منه بالإذن، وكان إذنا مشروطا، بألا يكره أحدا من الجنود على
Shafi 117