موارد الظمآن لدروس الزمان
موارد الظمآن لدروس الزمان
Lambar Fassara
الثلاثون
Shekarar Bugawa
١٤٢٤ هـ
Nau'ikan
وإذَا تَأملْتَ حَال أكْثَر النَّاسِ وَجَدتَهمُ بِضِدْ ذَلِكَ يَنْظُرونَ فِي حَقِّهم على الله ولا يَنْظرُونَ في حَقِّ اللهِ عَلَيْهم ومنْ هُنَا انقَطعُوا عِن اللهِ وَحُجبَتْ قُلوبُهم عَنْ مَعْرفِتهِ وَمَحَبَّتِهِ والشَّوْقِ إلى لِقَائِهِ والتَّنْعِيمِ بذكْرهْ وهذا غَايةُ جَهْلِ الإِنسانِ بربّهِ وَبِنفسه فُمُحَاسَبْةُ النَّفسِ هَيَ نَظَرُ العَبْدِ في حقَّ الله عَلَيْهِ أَوّلًا ثُمَّ نَظَرَهُ هَلْ قَامَ به كما يَنْبَغِي ثَانِيًا.
وَيَنْبَغِي للإنسان أنَّه إذَا حَاسَبَ نَفْسه فَرَآهَا قَدْ قَارفَتْ مَعْصيةً أَنْ يَتوبَ تَوْبَةً نَصُوحًا وَيُتْبعُ السَّيئةَ بالْحَسَناتِ التِي تَمْحُوهَا فقدْ وَرَدَ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «وأَتْبعْ السَّيئَةَ الْحَسَنةَ تَمْحُها» . وإنْ تَوَانى عَنْ بَعْضِ الفَضَائِلَ أَوْ فَاتَتهُ نِسْيانًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَدْرِكَ جَبْرَ مَا نَقَصَ بالنَّوافِل، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ ﵁ حِينَ فَاتَتْهُ صَلاةَ العصْرِ في جَمَاعةٍ أنَّه تَصَدَّق بأرْضَ كانتَ له قِيمتُهَا مَائِتَا ألفِ دِرْهَمٍ.
وَرُوِيَ عنه: أنَّه شَغَلَهُ أمرٌ عَن المغْرب حتّى طَلعَ نَجمَانٍ فَلمَّا صَلاها أعْتَقَ رَقَبتينِ. وَفَاتَتْ ابنُ أبي رَبِيعَةَ رَكْعتَا الفجر فأعتَقَ رَقَبةً. وَوَرَدَ أَنَّ ابنَ عُمرَ كَانَ إِذَا فَاتَتهُ صَلاةٌ في جَمَاعِةٍ أَحيَا تِلكَ اللَّيْلَةِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَجْعِلُ عَلَى نَفْسِه صَوْمُ سنَةٍ، أَوْ الْحَجُّ مَاشِيًا، أَوْ التَّصدَقُ بالشيءِ الكَثير كلُّ ذَلك مؤاخَذَهٌ لهَا بما فِيهِ نَجَاتُها. والله أعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(٤) موعظة
رُوِيَ عَنْ عَلَيَّ بن أبي طَالب أنّه قَالَ: لا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخرةَ بَغْيرِ عَمَلٍ ويَؤخرُّ التَّوْبةَ لِطُولِ الأَملِ وَيقَولُ في الدُّنيَا بِقوْلِ الزَّاهدِينَ، ويعَملُ فيها عَمَلَ الرَّاغِبينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنَ الدُّنيا لَمْ يَشْبَعْ، وإن مُنْعَ منهَا لَمْ يَقْنَعْ، وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِمَا لا يَأْتِيهِ، يُحِبُّ الصَّالِحينَ وَلا يَعْملُ أَعمَالَهم، وَيَبْغَضُ الْمُسيئينَ وَهُوَ مِنْهُمْ، يَكرهُ الْموْتَ لِكَثرةِ ذُنوبه، ويُقيمُ على ما يَكَرهُ لَهُ الْمَوْتَ،
1 / 199