أوقفني في المطلع وقال لي أين اطلعت رأيت الحد جهرة ورأيتني بظهر الغيب . وقال لي إذا كنت عندي رأيت الضدين والذي أشهدتهما فلم يأخذك الباطل ولم يفتك الحق . وقال لي الباطل يستعير الألسنة ولا يوردها موردها كالسهم تستعيره ولا تصيب به . وقال لي الحق لا يستعير لسانا من غيره . وقال لي إذا بدت أعلام الغيرة ظهرت أعلام التحقيق . وقال لي إذا ظهرت الغيرة لم تستتر . وقال لي أطلع في العلم فأن رأيت المعرفة فهي نوريته ، واطلع في المعرفة فأن رأيت العلم فهو العلم فهو نوريتها . وقال لي أطلع في العلم فأن لم تر المعرفة فاحذره ، واطلع إلى المعرفة فان لم تر العلم فاحذرها . وقال لي المطلع مشكاتي التي من رأها لم ينم . وقال لي المطلع رؤية الموجب والمطلع في الموجب رؤية المراد . وقال لي يا عالم اجعل بينك وبين الجهل فرقا من العلم وإلا غلبك ، واجعل بينك وبين العلم فرقا من المعرفة وإلا اجتذبك . وقال لي أوحيت إلى التقوى أثبتي وثبتي ، وأوحيت إلى المعصية تزلزلي وزلزلي . وقال لي العلم بابي والمعرفة بوابي . وقال لي اليقين طريقي الذي لا يصل سالك إلا منه . وقال لي من علامات اليقين الثبات ، ومن علامات الثبات الآمن في الروع . وقال لي إن أردت لي كل شيء علمتك علما لا يستطيعه الكون وتعرفت إليك معرفة لا يستطيعها الكون . وقال لي إن أردتني أردت بي بكل شيء وأردت بي كل شيء علمتك علما لا يستطيعه الكون . وقال لي عارف علم عاقبته فلا يصلح إلا على علمها ، وعارف جهل عاقبته فلا يصلح إلا على جهلها . وقال لي من صلح على علم عاقبته لم تعمل فيه مضلات الفتن ، ومن صلح على جهل عاقبته مال واستقام . وقال لي من يعلم عاقبته ويعمل يزدد خوفا . وقال لي الخوف علامة من علم عاقبته ، والرجاء علامة من جهل عاقبته . وقال لي من علم عاقبته وألقاها وعلمها إلي أحكم فيها بعلمي الذي لا مطلع عليه لقيته بأحسن مما علم وجئته بأفضل مما فوض . وقال لي يا عارف إن ساويت العالم إلا في الضرورة حرمتك العلم والمعرفة . وقال لي يا عارف أين الجهالة منك إنما ذنبك على المعرفة . وقال لي يا عارف اطلع في قلبك فما رأيته يطلبه فهو معرفته وما رأيته يحذر فهو مطلعه . وقال لي يا عارف دم وإلا أنكرت ، يا عالم أفتر وإلا جهلت . وقال لي يا عارف أرى عندك قوتي ولا أرى عندك نصرتي أفتتخذ إلها غيري . وقال لي يا عارف أرى عندك دلالتي ولا أراك في محجتي . وقال لي يا عارف أرى عندك حكمتي ولا أرى عندك خشيتي أفهزئت بي . وقال لي من لم يفر إلي ولم يصل إلي ، ومن لم أتعرف إليه لم يفر إلي . وقال لي إن ذهب قلبك عني لم أنظر إلى عملك . وقال لي إن لم أنظر إلى عملك طالبتك بعلمك وان طالبتك بعلمك لم توفني بعملك . وقال لي إن لم تعرض عما أعرضت عنه لم تقبل على ما أقبلت عليه . وقال لي إن أخذتك في المخالفة ألحقت التوبة بالمخالفة ، وان أخذتك في التوبة ألحقت المخالفة بالتوبة . وقال لي حدث عني وعن حقوقي وعن نعمتي فمن فهم عني فأتخذه عالما ، ومن فهم عن حقي فأتخذه نصيحا ، ومن فهم عن نعمتي فاتخذه أخا . وقال لي من لم يفهم عني ولا عن حقي ولا عن نعمتي فأتخذه عدوا فان جاءك بحكمتي فخذها منه كما تأخذ ضالتك من الأرض المسبعة . وقال لي الذي يفهم عني يريد بعبادته وجهي ، والذي يفهم عن حقي يعبدني من أجل خوفي ، والذي يفهم عن نعمتي يعبدني رغبة فيما عندي . وقال لي من عبدني وهو يريد وجهي دام ، ومن عبدني من أجل خوفي فتر ، ومن عبدني من أجل رغبته أنقطع . وقال لي العلماء ثلاثة فعالم هداه في قلبه ، وعالم هداه في سمعه ، وعالم هداه في تعلمه . وقال لي القراء ثلاثة فقارئ عرف الكل ، وقارئ عرف النصف ، وقارئ عرف الدرس . وقال لي الكل الظاهر والباطن ، والنصف الظاهر ، والدرس التلاوة . وقال لي إذا تكلم العارف والجاهل بحكمة واحدة فاتبع إشارة العارف وليس لك من الجاهل إلا لفظه .
16 - موقف الموت
Shafi 34