Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Nau'ikan
أما مع حصول الضرر، ومنه إماتة إحياء الموقوف عليه، وإهمال مصارفه؛ فنقله إلى مصلحة أخرى ممنوع بالأدلة الكلية؛ إذ لا مصلحة مع مفسدة راجحة أو مساوية كما عرفته غير مرة. هذا كله مع كون المنقول إليه مصلحة، أما ما صار الأمر عليه في هذه الأزمنة من استيلاء نواب الوقف على غلات أوقاف المساجد، والجوامع، والطرق، والمناهل وغيرها بحيث يقصدون إلى كل هجرة من الهجر المعمورة بخزائن علوم آل محمد صلوات الله عليهم وإلى كل بلدة من بلدان سائر الجهات، فيجمعون متحصل غلات أوقافها، وينتزعونه من بين أيدي عمار المساجد، ويقصدون به أسواق الجهة وأهل الأسباب منها فيبيعونه منهم بدون السعر القائم؛ حرصا على استهلاكه قبل ظهور نهي الناهين، وزجر الزاجرين لهم من فضلاء العصر، وأرباب النهي والأمر، وإذا جاء المصرف من حملة العلم الشريف واقتضاء ما هو له بنص الواقف وقصده أعرضوا عنه صفحا، وطووا عما طلبه كشحا، ورأوا ما طلبه منكرا لا أصل له بزعمهم في الشريعة؛ وكلما أراد الطلبة والمحيون الأحياء على شيء من غلات مساجدهم اعتلوا عليهم بالعادة التي تقدم الكلام في شيء من مفاسدها وقالوا: جرت العادة في هذه الأزمنة بأنه لا إحياء على غلات أوقاف المساجد فيها؛ فإذا احتج عليهم بأن العادة الصحيحة[130أ] المطابقة للشريعة المطهرة أعزها الله تعالى في أزمنة الأئمة السابقين قضت بإحياء المساجد والجوامع على حقوقها في كل هجرة وبكل بلدة، بحيث لا ينكر ذلك إلا من لاحظ له في الخير، أجابوا بأن كل عادة خالفت ما جرت به العادة آخر مدة الإمام رضوان الله عليه فهي شريعة منسوخة؛ ويعنون بذلك آخر مدة الإمام المتوكل على الله رضوان الله عليه وهي سني الشدة التي استولى فيها العمال والنواب على متحصل الحقوق، مع تتابع الآلام على الإمام صلوات الله عليه الذي تذهل عن معرفة ما بعد عنه من الأمور.
Shafi 449