302

Matmah Amal

مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال

Nau'ikan

Tariqa

[بين عمر بن عبد العزيز ومولاه]

فمما ذكره الفقيه المذكور في (بهجة الجمال): أنه لما بويع لعمر بن عبد العزيز قال مولاه: كأنك مهتم يا أمير المؤمنين؟

قال: لمثل هذا الأمر الذي نزل بي اهتممت، إنه ليس من أمة محمد أحد في مشرق ولا مغرب إلا وله قبلي حق يحق علي أداؤه غير كاتب فيه إلي، ولا طالب له مني وقالت زوجته فاطمة بنت عبد الملك: ما أعلم أنه اغتسل من جنابة منذ استخلف حتى قبض.

قالت: وجعل يبكي ذات ليلة ويشهق، فأقول: خرجت نفسه أو انصدعت كبده حتى برق الفجر فسألته، فقال: دعيني.

قالت: إني لأرجو أن أتعظ .

قال: نظرت فوجدتني وليت صغير هذه الأمة وكبيرها، ثم ذكرت الغريب الضائع، والفقير المحتاج، والأسير المفقود في أقاصي البلاد وأطراف الأرض، فعلمت أن الله سائلني عنهم، وأن محمد ا صلى الله عليه [وآله وسلم] يحاجني فيهم، فخفت أن لا يثبت لي عند الله عذر، ولا تقوم لي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة، فخفت على نفسي خوفا دمعت له عيني، ووجل له قلبي، فأنا كلما ازددت له ذكرا ازددت منه وجلا، وقد أخبرتك فاتعظي الآن أو دعي، وقال يوما لجلسائه: من صحبني منكم فليصحبني بخمس خصال: يدلني من العدل على ما لم أهتد إليه، ويكون لي على الخير عونا، ويبلغني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ولا يغتاب عندي أحدا، ويؤدي عني الأمانة التي يحملها بيني وبين الناس؛ فإذا كان كذلك فحي هلا به، وإلا فهو في حرج من صحبتي؛ وكتب إليه واليه بالموصل أنه وجدها من أكثر البلاد بغيا وسرقة، وسأله: هل يأخذهم بالظنة، ويضربهم على التهمة، أو يأخذهم بالبينة وبما جرت به[93أ]السنة؟

فكتب إليه: أن خذهم بالبينة وبما جرت به السنة؛ فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله.

قال: ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها بغيا وسرقة.

Shafi 344