Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Nau'ikan
وأما المنصوب المتصل فأصله أن لا يؤكد إلا بالمنصوب المنفصل إذ للمنصوب ضمير منفصل، فيقال: رأيتك إياك ورأيته إياه، لكنه كما أجازوا تأكيده بالمنصوب المنفصل أجازوا تأكيده بالمرفوع المنفصل نحو: رأيتك ورأيته هو، فالمرفوع المنفصل يقع تأكيدا لفظيا لأي متصل كان مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا، وإنما كان كذا دون المنصوب المنفصل لقوته وأصالته؛ إذ المرفوع قبل المنصوب، والمجرور متصرف فيه أكثر؛ وسيأتيك بعد الأبيات -إن شاء الله- وجه قوته وأصالته، ومن ثم لم يقع الفصل إلا بصيغة المرفوع المنفصل كما يجيء في باب الضمائر، ولولا هذا النظر لكان القياس أن يؤكد الضمير المجرور بالمنصوب[55أ] المنفصل لما بين النصب والجر من الأخوة كما يجيء في باب المثنى وجمعي التصحيح، وباب ما لا ينصرف.
وقال النحاة: إن المنفصل في نحو: ضربتك أنت تأكيد، وفي ضربتك إياك بدل؛ وهذا عجيب فإن المعنيين واحد وهو تكرير الأول بمعناه، فيجب أن يكون كلاهما تأكيدا لاتحاد المعنيين، والفرق بين التأكيد والبدل معنوي كما يظهر في حد كل منهما.
وقال الزمخشري في: مررت بك بك: (إن الثاني بدل وهو أعجب من الأول؛ إذ هو صريح التكرير لفظا ومعنى، فهو تأكيد لا بدل، وهذا مثل قوله في باب المنادى: إن الثاني في: يا زيد بدل، وجميع ذلك تأكيد لفظي، بل يمكن في بدل البعض والاشتمال إبدال الضمير المنصوب من المنصوب نحو قولك: ثلث الرغيفين أكلتهما إياه، وعلم الزيدين استحسنتهما إياه، كما يجيء في باب البدل، ولا يجوز أن يخالف البدل والمبدل منه، فلا نقول: أكلتهما هو كما جاز ذلك في التأكيد؛ لأن المقصود في البدل هو الثاني، فكأنه باشره الناصب فلا يجيء مرفوعا، ألا ترى أنك تقول في باب النداء: يا زيد أخ فتجعله كالنداء المستقل، هذا كله في غير المستقل .
Shafi 255