Matlac Budur
مطلع البدور ومجمع البحور
Nau'ikan
قلت: ورثاه ولده محمد أبقاه الله جامع الترجمة بقصيدتين طويلتين، وابن أخيه حسنة الزمان الأديب المنشئ أحمد بن الحسن بن يحيى - رحمه الله - وكلاهما مجيدان، والسيد البليغ أحمد بن محمد الآنسي - رحمه الله تعالى - وغير هؤلاء من الفضلاء. قال ولده محمد أيده الله: منشؤه مدينة ذمار، وقرأ بها القرآن قراءة مجودة، وقرأ الفقه والفرائض والكلام وطرفا من العربية، ونظم الشعر الكثير، إلا أنه غرقه حين غرق ما اجتمع عنده من الأوراق مخافة عثور الظلمة فيها على ما يوجب عندهم القتل، وحصل شطرا صالحا من علم الفلك، ومن الغرائب أنه عرفه المنازل رجل مكفوف البصر.
شيوخه بذمار: والده، والقاضي محمد بن علي الشكايذي، والقاضي المعافا بن سعيد، والقاضي محمد بن ناصر الدين الفلكي وغيرهم.
أخبرني أن من جملة ما قرأ على الفلكي (اللامع)(1) في الفرائض للعصيفري، وكان القاضي صلاح بن محمد يحضر مستمعا بلا نسخة، وكان يسبق إلى فهم بعض الدقائق فينشد:
تبارك الله ربي في تصرفه ... هذا يصيد وهذا يأكل السمكة
واشتهر من تجرده للطلب وهمته العالية مدة إقامته في ذمار مالم يشاركه فيه أحد، حتى إنه كان قليلا ما يطفئ السراج، وكان والده إذا احتاجه لحاجة مهمة خرج يطلبه في المسجد على وجه لا يشعر به فيجده مكبا على الكتاب، فيرجع قبل أن يراه يقضي الحاجة بنفسه على جلالة قدره.
قالوا: مثلا يذهب إلى الوادي لقضب البقرة؛ لأنهم - قدس الله أرواحهم - كانوا أهل الزهد، كما جاء في عيسى - عليه السلام -: (خادمه يداه، ودابته رجلاه) وكان يعيد ستين شرفا، وكان يعيد في الخميس والجمعة قراءة الأسبوع، وأعاد أظنه في ثلاثة أيام انقطعت القراءة فيها من أول الكتاب إلى كتاب الحج.
Shafi 135