Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Nau'ikan
قلت: لم يقع من مالك إنكار سبب الغرم، أي غرم الصداق. إنما أنكر على مروان القضاء، مثل أن يثبت بالشاهدين، بل بمجرد الدعوى حسبما صرح به ابن القاسم. فلو كانت الدعوى أيضا لاتوجب عليه غرم الصداق لكان إنكاره لذلك ألزم وأظهر، فبانحصار جهة الإنكار في القضاء قبل قيام البينة، دليل على أنه قد أتى في دعواها ما يوجب عليه الغرم للصداق.
قال محمد بن رشد: ما تضمنته هذه الحكاية من أن مروان قضى للمرأة بدعواها على الكري الذي ادعت عليه أنه أرادها عن نفسها وكشف عنها ثيابها مع الشبهة التي ألحقت به التهمة وتحققت التهمة والظنة هو من القضاء الذي لا يأخذ به مالك، ولايرى العمل عليه، ولا يرى القضاء به، إذ لايرى العقوبات في الأموال، لأن العقوبات في الأموال أمر كان في أول الإسلام ثم نسخ. من ذلك ما روي عن النبي (50=209/أ) صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة "أنا آخذوها وشطر وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا"، وماروي عنه في حريسة الجبل "أن فيها غرامة مثيلها وجلدات نكال"، وما روي عنه أيضا: "من وجدتموه يصيد في الحرم فسلبه لمن وجده"، كل ذلك كان في أول الإسلام وحكم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم انعقد الإجماع على أن ذلك لا يجب وعادت العقوبات على الجرائم في الأبدان. وقد أنكر ذلك على مروان بن الحكم، فقال على وجه الإنكار عليه: ولقد كان يوتي بالرجل يقبل المرأة فينزع ثنيته. وهذه نهاية في الإنكار والعقوبات على الجرائم عند مالك إنما هي في الأبدان على قدر اجتهاد الوالي وعظم جرم الجاني(¬1).
فانظر كيف بتر هذا الكلام، فنقل عن صاحب البيان أن عمر رضي الله عنه حكم به، ولم يذكر النسخ. ونقل أن مروان بن الحكم حكم به، ولم يذكر إنكار مالك لذلك. هذا كله ليوهم أن هذه الأشياء التي جاء بها معمول بها، وهي على العكس من ذلك.
Shafi 212