متجليًا في سعودها الشارقة بدرًا مُتخليًّا عن كل ما يعقب الإقبال على السعادات إدبارًا، متسنّمًا من ذروة مراتب الصفات وصفات المراتب أحصاها منالًا وأسماها منارًا، متبسمًا من أخلاق المجد ومجد الأخلاق أزهرها نضارة وأنضرها إزهارًا متنسمًا من رياح الأريحية نفحة طيبة ونسيمًا معطارًا، (أحضره والده لديّ، فسلّم عليّ وتودّد إليّ، وصار بيننا وبينه أكد صُحبة وأشدّ محبّة).
ومنهم أخوه الشّاب النجيب، والفاضل الأريب، الواصِلُ إلى رُتبة النهاية في المبادىء، والفائق بفضله الحاضر من أقرانه والبادي، سيدي أبو الهدى عبد الهادي، شاب نشأ في عبادة الله، وراعى في صغره من الهَدْي والهُدَى أباه، اختطفته يد المنيّة في صباه، ودعاه ربه إلى جواره فلبّاه، فمات بالطّاعُون شهيدًا في صفر الخير سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ونحن إذ ذاك ببلدة أزنكميد، رحمه الله تعالى، وكان قد جمعه أبوه عليَّ، وأمره بالتردد إليَّ، وحضر مجلسي عند أبيه، وسمع ما صدر منّي من البحث فيه.
ومنهم أخوه أيضًا الطفل الزكيّ والشَّاب الذكي، الموسوم بسمة الولاية، والملحُوظ بعين العناية، ذو الأنُس الظاهر، والخُلق الطاهر، محيي الدِّين عبد القادر، أحضره والدُه إليّ، وأمره بالمثول للاستفادة بين يديّ، أنشأه الله تعالى نشوءًا صالحًا، وجعله من متاجر الخيرات رابحًا بمنّه وكرمه.
ومنهم الشيخ الإمام العَِلاَّمة القدوة العمدة الفَهَّامة، فرع الحسب الصميم، ونبع
الأصل الكريم، وطبع الفضل العميم، وطوْع الخلق العظيم، قدوة الأئمة، وواحد أسانيد الأمة، قاضي القُضاة، وإمام الفقهاء والنُحاة، وربّ العقل الوافر والحصاة، روض العلم الوارف الظلال والفيء، والوافر الريع والري، قاضي أماسْيَة وما معها