Wasannin Shawqi
محاضرات عن مسرحيات شوقي: حياته وشعره
Nau'ikan
الست هدى
لقد أثبت شوقي في جميع مسرحياته تقريبا أنه لم يكن محروما من روح الفكاهة، حتى لنرى تلك الروح تحتل مكانا واضحا، وتلعب دورا هاما في مسرحية «أميرة الأندلس» بفضل شخصية مقلاص الذي لم تعد فكاهته لفظية، بل فكاهة نفسية عميقة تستند إلى صراحة قوية في فضح المعايب والمضحكات؛ ولذلك لا يدهشنا أن ينتهي المطاف بشوقي إلى أن يكتب ملهاة قائمة بذاتها، وأكبر الظن أنه لو امتد به العمر لكتب غيرها بعد ما أصاب من توفيق في كتابة هذه الملهاة، التي، وإن يكن قد استخدم فيها الشعر، إلا أنه قد استطاع أن يلائم بين هذا الشعر وبين موضوعه الفكاهي الخفيف في روح لطيفة، وعبارات سلسة، نعجب كيف صدرت عن نفس القيثارة العاتية، التي تغنت بأروع ألحان الشعر وأشدها أسرا.
وقصة الست هدى - التي لم تنشر حتى اليوم - تتناول عيبا أخلاقيا كان ولا يزال شائعا في البيئة المصرية، وهو تكالب الرجال على المرأة ذات الثراء، فالست هدى امرأة استطاعت بفدادينها أن تتزوج قطيعا من الرجال الواحد تلو الآخر، وكلما مات أحدهم، استبدلت به غيره طامعا في مالها حتى فني الجميع! وعندما أدركها الموت ظن آخرهم أنه قد أصاب الثراء، وتوافد الناس عليه مهنئين، ولكنه لم يلبث أن اكتشف أن الست هدى قد أوصت بكل مالها لبعض صديقاتها وبعض جهات البر، وأنه لم يرث شيئا فجن جنونه، وخرج من المسرح مشيعا بالضحكات.
والموضوع كما لخصناه مضحك بطبيعته، كما أن الضحك فيه له مغزاه الأخلاقي والاجتماعي؛ إذ يعالج مشكلة قبيحة من مشاكل حياتنا، ولكن المشقة في هذا الموضوع تأتي من أن الإضحاك والحبكة والدرس الاجتماعي لا يتم عرضها وعلاجها بتصوير قصة الزوج الأخير فحسب، بل لا بد من استعراض سلسلة القطيع السابقة حتى يبرز ما في قصة الزوج الأخير من سخف مضحك، ومن البديهي أن شوقي لم يكن يستطيع أن يعرض على المسرح كل هؤلاء الأزواج السابقين الذين افترض أن الموت قد طواهم، ولو أن هذا الموضوع كتب للسينما لكان أسهل علاجا؛ إذ كان المخرج يستطيع أن يعرض الست هدى، وهي تسترجع بخيالها القطيع السابق، الواحد بعد الآخر، وفي لقطات خاطفة تتابع حياتها مع كل واحد منهم، أما والمسرح لا يملك مثل هذه الإمكانيات، فإن شوقي لم يجد بدا من أن يستعين بالقصص، وأن يستخدمه لتصوير شريط سينمائي يستغرق الجزء الهام من الفصل الأول في المسرحية، التي تتكون من ثلاثة فصول.
لقد عرض شوقي في الشريط السينمائي في حديث يجري في مطلع المسرحية بين الست هدى وجارتها زينب.
وها نحن نورد هذا الشريط:
الست هدى :
يقولون: إني قد تزوجت تسعة
وإني واريت التراب رفاقي
وما أنا عزريل، وليس بمالهم
Shafi da ba'a sani ba