Wasan Kwaikwayo na Malhami
المسرح الملحمي
Nau'ikan
ويتألف قسم منه من عناصر ملحمية غنائية، وقسم آخر من عناصر درامية تكون في مجموعها تمثيلية غنائية للأصوات الفردية والجوقة بمصاحبة عزف الأرغن أو الأوركسترا، وتقوم في الأصل على نص ديني أضيفت إليه بعد ذلك نصوص دنيوية. وهو من الناحية الموسيقية قريب الشبه بالأوبرا، وإن كانت المشاهد فيه غير منظورة في الغالب. وقد نشأ في إيطاليا في أواخر القرن السادس عشر لمصاحبة قصص الإنجيل والصلوات والأدعية، ومن أهم من وضع أسسه نيري وأنيموشيا وبالسترينا وكافالييري، ثم بلغ الذروة عند «باخ» «الباسيونات أو عذابات المسيح» وهيندل «المسيح» وهايدن «الخلق والفصول».
ولما ازدادت هذه الزخرفة ولم يعد التمثيل مقصورا على القسس والرهبان بل اتسع لسكان المدن وخرج من داخل الكنيسة ليمثل في ساحتها، قويت هذه النزعة الدرامية وحلت اللهجات المحلية محل اللاتينية، كما قام مقام الرسول شخص آخر - كالقديس أوغسطين مثلا - كان يتقدم بين المشهد والآخر ليروي الأحداث، ثم اختفى الراوية أيضا، ولم يقف الأمر عند تمثيل أحداث عيد الفصح، بل أخذ يحيط بحياة المسيح كلها في مشاهد متتالية. وأخيرا أصبحت تمثيلية الأسرار تشمل أحداث العالم كما تتصورها المسيحية، ابتداء من الخطيئة الأولى حتى يوم القيامة والحساب الأخير.
ومع ذلك فقد بقي الطابع الملحمي هو الغالب على تمثيليات الأسرار (على الرغم من اختفاء الراوية) كما بقي الطابع الطقوسي عن طريق ما كان يدخل على التمثيل من الموسيقى وإنشاء الجوقة. ويجب أن نتصور التمثيل في صورة رمزية. فقد كانت الأحداث التي تدور أمام جمهور المتفرجين معروفة لكل واحد منهم. ولم يكن على التمثيل إلا أن يجسمها لهم ويعمقها في صورة غير واقعية. ولم يكن الممثل يتقمص الشخصية التي يقوم بها، ولم يكن الجمهور ليصدق بالطبع أن الممثل الذي يقوم بدور المسيح هو المسيح نفسه. فالممثل كان يقوم بعدد من الحركات التعبيرية والرمزية المدروسة من قبل. وكان يأتي من الحركات ما يصور للمشاهدين أنه مستغرق في حالة نفسية معينة. ولا يخفى على القارئ أن هذا موقف ملحمي يعتمد على الحكي والرواية، على عكس ما نراه في تقمص الممثل للشخصية التي يؤديها في الدراما التقليدية.
وبلغت مسرحيات الأسرار ذروة الكمال شكلا ومضمونا في ذلك العدد الكبير الذي تركه لنا الشاعر الإسباني «بيدرو كالديرون دي لاباركا» (1600-1681م) من المسرحيات المعروفة بالأوتو ساكر منتال
1
أو الفصول المقدسة التي تعبر تعبيرا رمزيا مركزا عن تمثيلية الأسرار بوجه عام كما تنتقل بها نقلة أدبية أساسا. (وقد وصل عددها إلى ثلاث وسبعين مسرحية!)
وتبلورت تمثيليات الأسرار، التي كانت قد تضخمت حتى امتدت فترة عرضها في القرن السادس عشر في مدينة بورج
2
الفرنسية مثلا إلى خمسين يوما! وتركزت في فصل واحد طويل يصور العشاء الأخير. وتطور كالديرون بشكلها التقليدي فأدخل عليها الموسيقى وغناء الجوقة، وأضفى عليها الطابع الطقوسي من جديد. ومن ثم كانت مسرحيات كالديرون تصويرا رمزيا أو مجازيا للقداس المسيحي، يدخل فيه عدد كبير من الحكايات والأساطير والقصص الخرافية والاستعارات المستمدة من العهد القديم والجديد، بل تدخل فيه كذلك بعض الأساطير القديمة إلى جانب الصور والأحداث المبتكرة التي تخدم الطقوس التمثيلية في إطار الفصل الواحد. هذه الطقوس التمثيلية المعبرة عن نظام فكري له قداسته تدل - إلى جانب طابعها الكنسي - على طابع ملحمي؛ فلا مجال هنا للكلام عن الجانب التراجيدي والدرامي بالمعنى الذي فهمهما به أرسطو؛ لأن الحركة الدرامية في هذه التمثيليات تخضع للرؤية الدينية والكونية التي غلبت على العصور الوسطى.
كانت سلسلة التقاليد المسرحية قد انقطعت خلال عدة قرون. صحيح أن رجال الدين في العصور الوسطى عرفوا المسرح الروماني تمام المعرفة. ولكن تأثير هذا المسرح كان تأثيرا نظريا أكثر منه عمليا، كما كان ينحصر في مجال المسرح الهزلي في تمثيليات بلاوتوس وتيرينس.
Shafi da ba'a sani ba