طلب مني بعض من اتخذ ترداده وردا، وارتوى من زلال معانيه المترقرقة على صفا ألفاظه وردا، وجعله في ساعة الفرح، تميمة من الترح، أن أكتب عليه ما يوضح غامض معانيه، ويأخذ بمجامع قلب معانيه، ويسفر عن وجوه لطائفه مسدل الحجاب، ويدير على حفاظه من سلافه كؤوس الإعجاب، فقلت: يا هؤلاء؟ "لقد جئتم شيئا إدا"(¬1)[19]، وسألتم ما سجل عليه قاضي العجز و[أدى]، وتطلبتم ما هو "أبعد من بيض الأنوق"،(¬2)[20] و"أغرب من الأبلق العقوق"(¬3)[21]، من أين للزمن أن يجاري الراكب، ومتى ساوت العراقيب المناكب؟ ومن أجهل ممن يعارض البحر بالوشل(¬4)[22]؟ أو يقاوم النشاط بالفشل؟ أو يساوي الجوهر الفرد بالحصا؟ أو يجمع في غمد القراطيس(¬5)[23] بين السيف والعصا؟ على أني لو لبيت الندا، وسقطت على [ص55] شرحه سقوط الندا، لقيل لي: ليس هذا بعشك فادرج،(¬1)[24] وما النادي بنادي أمثالك فاخرج، فلتقيلوا، ولا تقولوا(¬2)[25]:
قد يدرك المجد الفتى ولباسه
... ... خلق وجيب قميصه مرقوع
فما زادهم تحذيري إلا إغراء وإلحاحا، ورأوا أحاديث اعتذاري ضعيفة، وأحاديث سؤالهم صحاحا، وتمالأ على التصميم سرهم ونجواهم، و"مازالت تلك دعواهم"(¬3)[26]. ولم يكن في عذري لهم من مقنع، وأحب شيء إلى الإنسان ما امتنع. فلما رأيت أنه لابد من صنعا(¬4)[27]، أجبتهم وإن كنت لا أحسن صنعا، ففوقت للشروع سهم العزم، وأطرت عن زنده شرر الحزم، وأدخلت على معتل التواني حرف الجزم. ونهضت وأنا "أحير من ضب"(¬5)[28]، وأشغل من صب. فرسمته في صحائف الوهم، وصقلت لمناولته صدأ الفهم، وحبب لي أن أجعله أمما: نزح عنه تقصيرات الشروح وإفراطها، تمسكا بقول المصطفى: "خير الأمور أوسطها"(¬6)[29]. وجعلت الكلام على كل بيت محصرا في
مطالب:
Shafi 7