سار هنا وهناك، يتحسس الثلج. كانت طبقة الثلج قد تحملت وزنه دون أن تصدر أي صوت أو تتشقق. كان الأمر هو نفسه في كل مكان. كان بإمكان المرء أن يسير فوق الحقول الثلجية كما لو كان يسير فوق أسمنت. (هذا الصباح، عند إلقائه نظرة على الثلج، ألم يتذكر الرخام؟) لكن هذه الطبقة الصلبة لم تكن ثابتة في كل مكان. كانت تعلو وتنخفض على نحو غير مرتبط كثيرا بحدود الأرض تحته. خلق الثلج مشهده العام، الذي كان ممتدا، على نحو مهيب واعتباطي.
بدلا من التجول في الشوارع المكسوحة للبلدة، كان يمكن أن يسير على الحقول. كان بإمكانه أن يأخذ طريقا مختصرا إلى المطعم على الطريق السريع، الذي كان يظل مفتوحا حتى منتصف الليل. كان سيتناول قدحا من القهوة هناك، ثم يستدير راجعا إلى المنزل. •••
ذات ليلة، قبل حوالي ستة أشهر من زواج روبرت ببيج، كان هو ولي جالسين يحتسيان الخمر في شقته. كانا يتجادلان حول ما إذا كان مقبولا، أو مثيرا للغثيان، أن يضع المرء الحروف الأولى من اسم العائلة على مقتنياته الفضية. فجأة، احتد النقاش، لم يستطع روبرت تذكر كيف حدث ذلك، لكن النقاش احتد، ووجدا أنفسهما يتفوهان بأقسى كلام يمكن أن يقوله أحدهما للآخر. ثم تغيرت الأصوات من النبرة المرتفعة ووتيرة النقاش السريعة، إلى نبرة خفيضة تنم عن اشمئزاز غير خفي.
قالت لي: «تذكرني دوما بكلب ... تذكرني دوما بأحد تلك الكلاب التي تندفع نحو الناس وتمسك بهم بتودد، أثناء تدلي ألسنتها المنفرة الكبيرة. أنت مندفع للغاية. كل لطفك واندفاعك ما هو إلا اعتداء حقيقي. لست الوحيدة التي تراك هكذا. يتحاشاك كثير من الناس. لا يستطيعون تحملك. ستندهش. تدفع وتنشب مخالبك على هذا النحو المندفع المؤثر، لكنك تمتلك نظرة ماكرة؛ لذا لا أعبأ إذا آذيتك.»
قال روبرت في هدوء: «ربما يجب أن أخبرك بأحد الأشياء التي لا أحبها فيك، إذن ... الطريقة التي تضحكين بها. في الهاتف خاصة. تضحكين في نهاية كل جملة تقريبا. كنت أعتقد أنها لازمة عصبية، لكن ذلك كان يزعجني دوما. وعرفت لماذا. تخبرين دوما من يهاتفك عن معاملة ظالمة تعرضت لها في مكان ما أو ملاحظة قاسية قالها لك شخص ما؛ وهو ما يمثل ثلثي كلامك المتمركز حول الذات، الممل بصورة هائلة. ثم تضحكين، ها-ها، تتقبلين الأمر، لا تتوقعين شيئا أفضل. تلك ضحكة مريضة.»
بعد المزيد من ذلك، بدآ في الضحك، روبرت ولي، لكن الضحك لم يكن ضحكا مفضيا إلى التصالح؛ لم ينتقلا إلى حال من الارتياح بينهما، صائحين: «يا للخسة، لم أقصد ذلك، هل قصدت أنت ذلك؟» («لا، بالطبع لا، بالطبع لم أقصد ذلك».) ضحكا إدراكا منهما لبعد أحدهما عن الآخر، تماما مثلما قد يضحكان في وقت آخر، في وسط اعترافات رقيقة بصورة مدهشة، مختلفة تماما. ارتعشا في سرور قاتل، على غرار إثارة من قال شيئا لا يمكن الرجوع عنه أبدا؛ سعدا للسهام التي وجهها كل طرف للآخر ولتلك التي تلقاها، وقال أحدهما عند نقطة ما: «هذه هي المرة الأولى التي نقول فيها الحقيقة منذ أن التقينا!» فحتى الأشياء التي كانت بشكل أو بآخر وليدة اللحظة فيما قالاه بدت كأكثر الحقائق أهمية التي كانت تنمو داخلهما منذ فترة طويلة وتسعى لشق طريقها للخروج.
لم يكن أمرا بعيدا الانتقال من الضحك إلى المضاجعة، وهو ما فعلاه، دون أي نكوص. أصدر روبرت أصواتا نابحة، مثلما يفعل الكلب، وتشمم لي على نحو جارح، ضاغطا في شهية حقيقية على لحمها. فيما بعد، شعر كل منهما بسأم عظيم من الآخر، لكنهما لم يعودا إلى تبادل اللوم. •••
قال روبرت لبيج: «هناك أشياء أريد أن أنساها تماما وإلى الأبد.» تحدث معها حول الحد من خسائره، وترك العادات السيئة القديمة، والتوقف عن خداع الآخرين وخداع نفسه، والفكر المغلوطة عن الحياة، وعن نفسه. قال إنه كان مسرفا عاطفيا، وألقى بنفسه في ورطات مؤلمة، لا رجاء منها من أجل تجنب أي علاقة عادية. كان كل ذلك من قبيل التجربة والتباهي، رفض الأمور العادية، المقبولة في الحياة. هكذا قال لها. أخطاء التجنب، عندما كان يعتقد أنه يقوم بمخاطر ويمر بخبرات عنيفة.
قال: «أخطاء التجنب التي ظننتها أخطاء العاطفة.» ثم ظن أنه كان يبدو متكلفا بينما كان في حقيقة الأمر ينضح إخلاصا، بكل ما يصاحبه من جهد وارتياح.
في المقابل، أخبرته بيج ببعض الحقائق.
Shafi da ba'a sani ba