جلست ترودي في الخارج، في روبها الفضفاض، تحتسي القهوة بينما كان اليوم يزداد حرارة. ثمة مساحة صغيرة مرصوفة بالطوب إلى جانب الباب الجانبي كانت هي ودان يطلقان عليها دائما الفناء المرصوف. جلست هناك. هذا منزل تجري تدفئته بالطاقة الشمسية، ذو ألواح شمسية كبيرة من الزجاج على السطح المائل جهة الجنوب ؛ أغرب منزل في البلدة. منزل غريب من الداخل، أيضا، ذو أرفف مفتوحة في المطبخ بدلا من الخزائن، وغرفة معيشة أعلى يتم الصعود إليها ببعض الدرجات، وهي تطل على الحقول خلف المنزل. أطلقت هي ودان، كنوع من المزاح، على أجزاء من المنزل أكثر الأسماء تقليدية، وارتباطا بالضواحي، مثل الفناء المرصوف، دورة المياه، غرفة النوم الرئيسية. كان دان يمزح دوما حول الطريقة التي كان يعيش بها. شيد المنزل بنفسه - قامت ترودي بالكثير من أعمال الطلاء والنقاشة - وكان عملا ناجحا. لم تكن الأمطار تتسرب إلى الألواح الشمسية، وكان ثمة جزء من الطاقة التي تدفئ المنزل يأتي حقا من الشمس. ليس معظم الأشخاص الذين يمتلكون الأفكار، أو المثل العليا، التي يمتلكها دان عمليين جدا. لا يستطيعون إصلاح أو صنع الأشياء؛ لا يفهمون في الأعمال الكهربية أو النجارة، أو أي مما يحتاجون إلى فهمه. دان بارع في كل شيء؛ في أعمال الحديقة، وقطع الأخشاب، وبناء المنازل. هو بارع بوجه خاص في إصلاح المحركات. كان معتادا على السفر من مكان إلى آخر للحصول على وظيفة ميكانيكي سيارات، فني محركات صغيرة. هكذا انتهى به المطاف هنا. أتى إلى هنا لزيارة مارلين، وحصل على وظيفة ميكانيكي، وصار شريكا في شركة إصلاح سيارات، وسريعا جدا - بعد أن تزوج من ترودي، لا مارلين - وجد نفسه رجل أعمال في بلدة صغيرة، عضوا في مؤسسة كينزمنز للأعمال الخيرية. كل هذا دون أن يحلق لحيته التي ترجع في شكلها إلى الستينيات أو يهذب شعره أكثر مما كان يرغب. كانت البلدة صغيرة جدا وكان دان أكثر ذكاء من أن يرى أيا من ذلك ضروريا.
يعيش دان حاليا في منزل في ريتشموند هيل مع فتاة تدعى جينفيف. وهي تدرس القانون. تزوجت عندما كانت صغيرة جدا، ولديها ثلاثة أطفال. التقاها دان منذ ثلاث سنوات عندما تعطلت سيارة التخييم التي كانت تتنقل بها على بعد أميال قليلة خارج البلدة. تحدث إلى ترودي عنها تلك الليلة؛ سيارة التخييم المؤجرة، الأطفال الثلاثة الصغار جدا في السن ، الأم المطلقة الصغيرة المفعمة بالنشاط ذات الشعر المجدول؛ شجاعتها، وفقرها، وخططها للالتحاق بكلية القانون. إذا لم يجر إصلاح سيارة التخييم بسرعة، كان سيدعوها وأطفالها لقضاء تلك الليلة عنده. كانت في طريقها إلى المنزل الصيفي لأبويها في بوينت أو باريل.
قالت ترودي: «إذن لا يمكن أن تكون فقيرة جدا.»
قال دان: «يمكن أن يكون المرء فقيرا وأبواه ثريان.» «لا، لا يمكن.»
في الصيف الماضي، ذهبت روبين إلى ريتشموند هيل لتقضي شهرا مع أبيها في منزله. عادت قبل ذلك. قالت إن المنزل كان أشبه بمستشفى مجانين. يجب على الطفل الأكبر الذهاب إلى عيادة متخصصة لمن لديهم صعوبات في القراءة، وكان الطفل الأوسط يبلل الفراش. جينفيف تقضي وقتها كله في مكتبة الكتب القانونية، تذاكر. لا عجب في ذلك. يذهب دان يبحث عن عروض مخفضة، ويطهو، ويعتني بالأطفال، ويزرع الخضراوات، ويقود سيارة أجرة في أيام السبت والأحد. يريد أن يؤسس شركة لإصلاح الدراجات البخارية في الجراج، لكنه لا يستطيع الحصول على ترخيص بذلك؛ يعارض الجيران ذلك.
أخبر روبين أنه سعيد. قال إنه لم يكن قط أسعد من ذلك. عادت روبين إلى المنزل ناضجة تماما؛ قاسية، ساخرة، حازمة. كانت لديها ضغينة بسيطة، مستمرة لم تكن لديها من قبل. لم تستطع ترودي اقتلاعها منها، لم تستطع استخلاصها منها؛ كان قد فات الوقت الذي كانت تستطيع فيه عمل ذلك. •••
عادت روبين إلى المنزل في الظهيرة وبدلت ملابسها. ارتدت بلوزة قطنية خفيفة، عليها ورود وكوت تنورة قطنية بلون أزرق فاتح. قالت إن بعض الفتيات في الصف ربما يذهبن إلى الجنازة بعد انتهاء اليوم الدراسي.
قالت ترودي: «نسيت أن لديك تلك التنورة.» إذا كانت تظن أن ذلك سيؤدي إلى بدء حديث، فقد كانت مخطئة. •••
في المرة الأولى التي التقت فيها ترودي دان، كانت ثملة. كانت تبلغ من العمر تسعة عشر عاما، طويلة ونحيفة (ولا تزال)، ذات شعر أسود مهوش متموج (قصير الآن ويبدو رماديا مثلما كان يبدو أسود). كانت مسمرة جدا، ترتدي بنطال جينز وتي-شيرت ذا ألوان زاهية جدا. لم تكن ترتدي صديرية ولم يكن ثمة حاجة إليها. كان هذا في ماسكوكا في شهر أغسطس، في مشرب أحد الفنادق حيث كان ثمة فرقة موسيقية. كانت تعسكر مع صديقات لها. كان هناك مع خطيبته، مارلين. كان قد اصطحب مارلين إلى منزله للقاء أمه، التي كانت تعيش في ماسكوكا في جزيرة في فندق خال. عندما كانت ترودي في التاسعة عشرة، كان هو في الثامنة والعشرين. كانت ترقص وحدها، دائخة وثملة، أمام المائدة التي كان يجلس هو ومارلين عليها، التي كانت شقراء وديعة ذات صديرية قرنفلية كبيرة مطرزة بحبات لؤلؤ صغيرة صناعية. رقصت ترودي أمامه حتى نهض وانضم إليها. في نهاية الرقصة، سأل عن اسمها، وأخذها وقدمها إلى مارلين.
قال: «هذه جودي.» سقطت ترودي، وهي تضحك، في المقعد المجاور لمارلين. جعل دان مارلين تقوم وترقص معه. أتت ترودي على جعة مارلين وذهبت تبحث عن أصدقائها.
Shafi da ba'a sani ba