ربما يشير إلى زوجته، التي لا أقدر حالها. لكنني أفهم هذا الأمر على نحو مختلف. أليس صحيحا أن جميع الأشخاص الذين أعرفهم في العالم حتى الآن لا يعدون أن يكونوا أكثر من مجرد عرائس متحركة بالنسبة إلي، يخدمون خطط خيالي المختلقة؟ هذا صحيح. أصاب كبد الحقيقة، مثلما تحب العمة إنا أن تقول. لكن إصابة كبد الحقيقة في أمر كهذا، في أمر يتعلق بالفشل في العلاقة الحميمة، لن يردع الآخرين ولن يجعلهم ممتنين، ومستعدين للتغيير من أساليبهم. يزداد العناد أكثر فأكثر، حقيقة، حيال الخطأ المدرك على نحو واضح. وهكذا يزداد عنادي. يزداد العناد، يتعامل العناد مع جميع تلك اللحظات المرغوبة من العذوبة، يخمد الأمل في المتعة، البريق العميق للدعوات الخفية. ماذا أريد من شخص يستطيع أن يعرف الكثير عني على هذا النحو؟ في حقيقة الأمر، إذا كنت أستطيع محوه محوا من على وجه البسيطة الآن، فسأفعل.
يشعر بحدوث تغير في. يسحب يده بعيدا وينهض. يطلب مني أن أخرج قبله، أن أعود إلى المنزل. ربما قال كلمتين تحذيريتين، إضافيتين، لكنني لم أكن أستمع. •••
فضلا عن ذلك، قالت ماريبيث إنها لا تصدقني. «كنت أصدقك في البداية. كنت. ثم بدأت أتساءل.»
قلت: «انفصلنا ... انتهى الأمر.»
قالت ماريبيث، بصوت مرتعش، آسفة، هازة رأسها: «لا أصدقك ... لا أصدق أن شيئا كان يجري بينك وبينه على الإطلاق. كان يجب علي أن أخبرك بهذا. لا تغضبي. كان علي أن أخبرك بذلك.»
لم أرد عليها. مضيت في السير مسرعة. كنا في طريقنا إلى المدرسة. كنا قد التقينا كالعادة بالقرب من بنك «دومنيون بانك»، وانتظرت حتى مررنا بثلاثة مربعات سكنية قبل أن تندفع في قول ما كانت تريد قوله. كان عليها أن تسرع من خطاها حتى تلاحقني في السير. قبل أن نلحق ببعض الفتيات الأخريات - قبل أن أنادي أسماءهن مبدية ودا كبيرا وروح دعابة طيبة - نظرت إليها نظرة قاسية؛ نظرة يستحقها خائن، وكنت أظن أنها تستحقها. كانت مخطئة؛ كان قد جرى الكثير بيني وبين السيد كرايدرمان. كانت محقة، أيضا، بالطبع. لكنني كبحت التفكير في ذلك في يسر مذهل. ربما يشعر المرء بنوبة الغضب المبرر نفسها، سواء جرى اتهامه عن حق أو عن غير حق.
دون أن أخطط تماما للأمر، تبنيت سياسة ألا أتحدث إلى ماريبيث. عندما أتت ناحيتي في غرفة وضع المعاطف والقبعات، وقالت في رقة: «ألن نسير إلى المنزل معا يا جيسي؟» لم أجبها. عندما سارت إلى جانبي، تظاهرت أنها لم تكن موجودة. كانت الاختبارات قد بدأت، اختلفت مواعيدنا؛ وكان من السهل تحاشيها.
اكتشفت خطابا، مطويا في كتابي الخاص باللغة الفرنسية. لم أقرأه كله. قالت فيه إنها تتعذب بسببي، إنها لا تستطيع أن تأكل، كانت تبكي في الفراش ليلا، كانت تتملكها نوبات صداع هائلة جراء البكاء حتى إنها كانت لا ترى الأسئلة في أوراق الاختبارات واعتقدت أنها لن تنجح. اعتذرت، وتمنت لو أنها لم تتحدث إلي عن الأمر؛ كيف يمكنها أن تخبرني بأنها آسفة وأنا حتى لم أكن أتحدث إليها؟ كانت متأكدة من شيء واحد؛ أنها لا تملك قلبا قاسيا بحيث تعاملني مثلما كنت أعاملها.
قفزت إلى نهاية الخطاب ووجدت قلبين متشابكين مرسومين من حرفي إكس صغيرين، داخلهما اسمانا. جسي وميريبيث. لم أقرأ المزيد.
كنت أريد أن أتخلص منها. سئمت من شكواها وأسرارها، وجهها الجميل، وطبيعتها الرقيقة. كنت قد تجاوزتها، تجاوزت الحاجة إلى أي شيء كان يمكن أن تقدمه لي. لكن كان في الأمر ما هو أكثر من ذلك. عيناها المنتفختان، نظراتها المعذبة كانت ترضي شيئا ما في داخلي. شعرت بأنني أفضل حالا حين جرحتها. لا شك في ذلك. استرجعت قليلا مما فقدته في الظلة الصيفية للزوجين كرايدرمان. •••
Shafi da ba'a sani ba