( ورابعها): أن قولهم ذلك رجم بالغيب وقول بالظن والظن في مثل هذا لا يجوز، والجواب: أنه لم يكن رجما بالغيب لاحتمال أن يكونوا علموا ذلك علما من عند الله تعالى أو شاهدوا مكتوبا في اللوح ما قالوا (واستدل) ذلك البعض أيضا بقوله تعالى: ((فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس))([31]) (قالوا) لو لم يكن من الملائكة لما صح استثناؤه منهم (قلنا) هو من الجن بدليل ((إلا إبليس كان من الجن))([32]) والاستثناء منقطع على حد:
وبلدة ليس بها أنيس= إلا اليعافير وإلا العيس([33])
(قالوا) فالجن اسم لبعض الملائكة (قلنا) هو خلاف الظاهر ولا دليل عليه (قالوا) ولو لم يكن من الملائكة لما عصى بترك السجود (قلنا) الأمر للملائكة ولغيرهم فخصوا بالذكر لشرفهم عند الله تعالى ولأغلبيتهم على غيرهم كثرة، واستدلوا أيضا بما ورد في بعض الأخبار أن هاروت وماروت كانا ملكين بل نصت الآية على ذلك وقد وقعت منهما المعصية.
(قلنا) ليس في الآية دليل على أنهما عاصيان أو فعلا شيئا من المناكر، والإخبار بذلك من كذب اليهود كيف يكونان عاصيين مع قولهما فلا تكفر وتعليمهم الناس السحر يحتمل أن يكون بأمر من الله تعالى فتنة للمتعلمين، إذ ليس ينافي الحكمة أن يعلمهم شيئا وينهاهم عن إتيانه، ويدل على أنهما مأموران بذلك قوله تعالى ((وما أنزل على الملكين ببابل))([34]) فالظاهر أنهما لم يكونا مأمورين بذلك ما سمي ما أوتياه منزلا وهذا أولى مما قيل أنهما رجلان صالحان شبها بالملكين فأطلق عليهما اسمهما إذ لا دليل عليه.
Shafi 43